للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ عَادَ إلَيْهِ مَهْرُهَا بِسَبَبِ غَيْرِ الطَّلَاقِ. وَبِكَمْ يَرْجِعُ؟ يَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَجَبَ بِالْعَقْدِ، فَهُوَ كَنِصْفِ الْمَفْرُوضِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِ الْمُتْعَةِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَجِبُ بِالطَّلَاقِ، فَأَشْبَهَتْ الْمُسَمَّى.

[فَصْلٌ أَبْرَأَتْهُ الْمُفَوِّضَةُ مِنْ نِصْفِ صَدَاقِهَا]

(٥٦٣١) فَصْلٌ: وَإِنْ أَبْرَأَتْهُ الْمُفَوِّضَةُ مِنْ نِصْفِ صَدَاقِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا مُتْعَةَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ نِصْفِ الصَّدَاقِ، وَقَدْ أَبْرَأَتْ مِنْهُ، فَصَارَ كَمَا لَوْ قَبَضَتْهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ لَهَا نِصْفُ الْمُتْعَةِ إذَا قُلْنَا: إنَّ الزَّوْجَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءِ إذَا أَبْرَأَتْ مِنْ جَمِيعِ صَدَاقِهَا.

[فَصْلٌ بَاعَ رَجُلًا عَبْدًا بِمِائَةِ فَأَبْرَأْهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ قَبْضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ إيَّاهُ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا]

(٥٦٣٢) فَصْلٌ: وَلَوْ بَاعَ رَجُلًا عَبْدًا بِمِائَةٍ، فَأَبْرَأْهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ قَبْضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ إيَّاهُ، ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا، فَهَلْ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ، وَالْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ، أَوْ أَخْذُ أَرْشَ الْعَيْبِ مَعَ إمْسَاكِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الصَّدَاقِ إذَا وَهَبَتْهُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَإِنْ كَانَتْ بِحَالِهَا، فَوَهَبَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ لِلْبَائِعِ، ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ، فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَضْرِبَ بِالثَّمَنِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَا عَادَ إلَى الْبَائِعِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلِذَلِكَ كَانَ يَجِبُ أَدَاؤُهُ إلَيْهِ قَبْلَ الْفَلْسِ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا.

وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدًا، ثُمَّ أَسْقَطَ عَنْهُ مَالَ الْكِتَابَةِ، بَرِئَ، وَعَتَقَ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى سَيِّدِهِ بِالْقَدْرِ الَّذِي كَانَ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُؤْتِيَهُ إيَّاهُ، كَذَلِكَ لَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْقَدْرَ الَّذِي يَلْزَمَهُ إيتَاؤُهُ إيَّاهُ، وَاسْتَوْفَى الْبَاقِي، لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُؤْتِيَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ إسْقَاطَهُ عَنْهُ يَقُومُ مَقَامَ الْإِيتَاءِ.

وَخَرَّجَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى وَجْهَيْنِ، بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الصَّدَاقِ، وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَسْقَطَتْ الصَّدَاقَ الْوَاجِبَ لَهَا قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِ اسْتِحْقَاقِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا نِصْفَهُ، وَهَاهُنَا أَسْقَطَ السَّيِّدُ عَنْ الْمُكَاتِبِ مَا وُجِدَ سَبَبُ إيتَائِهِ إيَّاهُ، فَكَانَ إسْقَاطُهُ مَقَامَ إيتَائِهِ، وَلِهَذَا لَوْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ، ثُمَّ آتَاهُ إيَّاهُ، لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ. وَلَوْ قَبَضَتْ الْمَرْأَةُ صَدَاقَهَا، وَوَهَبَتْهُ لِزَوْجِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَرَجَعَ عَلَيْهَا، فَافْتَرَقَا.

[فَصْلٌ لَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ الصَّدَاقِ إلَّا بِتَسْلِيمِهِ إلَى مَنْ يَتَسَلَّمُ مَالَهَا]

(٥٦٣٣) فَصْلٌ: وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ الصَّدَاقِ إلَّا بِتَسْلِيمِهِ إلَى مَنْ يَتَسَلَّمُ مَالَهَا، فَإِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً، لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهَا، أَوْ إلَى وَكِيلِهَا، وَلَا يَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى أَبِيهَا وَلَا إلَى غَيْرِهِ؛ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَخَذَ مَهْرَ ابْنَتِهِ، وَأَنْكَرَتْ، فَذَاكَ لَهَا، تَرْجِعُ عَلَى زَوْجِهَا بِالْمَهْرِ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى أَبِيهَا. فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيكَ» ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنَّ هَذَا لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا، إنَّمَا أَخَذَ مِنْ زَوْجِهَا. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهُ قَبْضُ صَدَاقِ الْبِكْرِ دُونَ الثَّيِّبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْعَادَةُ، وَلِأَنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِي، فَقَامَ أَبُوهَا مَقَامَهَا، كَمَا قَامَ مَقَامَهَا فِي تَزْوِيجِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>