للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنَّمَا هُوَ شَاةُ لَحْمٍ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَقَدْ أَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ» . (١٤٢٠) فَصْلٌ: وَالْخُطْبَتَانِ سُنَّةٌ، لَا يَجِبُ حُضُورُهَا وَلَا اسْتِمَاعُهَا؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: «شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِيدَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، قَالَ: إنَّا نَخْطُبُ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: هُوَ مُرْسَلٌ.

وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ عَنْ الصَّلَاةِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ غَيْرَ وَاجِبَةٍ جُعِلَتْ فِي وَقْتٍ يَتَمَكَّنُ مَنْ أَرَادَ تَرْكَهَا، مِنْ تَرْكِهَا، بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ. وَالِاسْتِمَاعُ لَهَا أَفْضَلُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، أَنَّهُمَا كَرِهَا الْكَلَامَ يَوْمَ الْعِيدِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: يَخْطُبُ الْإِمَامُ يَوْمَ الْعِيدِ قَدْرَ مَا يَرْجِعُ النِّسَاءُ إلَى بُيُوتِهِنَّ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ الْجُلُوسُ لِاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ، لِئَلَّا يَخْتَلِطْنَ بِالرِّجَالِ. وَحَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَوْعِظَتِهِ النِّسَاءَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ خُطْبَتِهِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُنَّ لَمْ يَنْصَرِفْنَ قَبْلَ فَرَاغِهِ، وَسُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ.

(١٤٢١) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْطُبَ قَائِمًا؛ لِمَا رَوَى جَابِرٌ، قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى، فَخَطَبَ قَائِمًا، ثُمَّ قَعَدَ ثُمَّ قَامَ» ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَلِأَنَّهَا خُطْبَةُ عِيدٍ، فَأَشْبَهَتْ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ. وَإِنْ خَطَبَ قَاعِدًا فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَأَشْبَهَتْ صَلَاةَ النَّافِلَةِ. وَإِنْ خَطَبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَحَسَنٌ.

قَالَ سَعِيدٌ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، حَدَّثَنَا أَبُو جَمِيلَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا صَلَّى يَوْمَ عِيدٍ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ عَلَى دَابَّتِهِ، وَرَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَخْطُبُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَرَأَيْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَخْطُبُ عَلَى رَاحِلَتِهِ.

[مَسْأَلَة لَا يَتَنَفَّل قَبْل صَلَاة الْعِيد وَلَا بَعْدهَا]

(١٤٢٢) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يَتَنَفَّلُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَا بَعْدَهَا) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي مَوْضِعِ الصَّلَاةِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمُصَلَّى أَوْ الْمَسْجِدِ.

وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَبُرَيْدَةَ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَجَابِرٍ، وَابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَقَالَ بِهِ شُرَيْحٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَالْقَاسِمُ، وَسَالِمٌ، وَمَعْمَرٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَمَسْرُوقٌ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ عُلَمَائِنَا يَذْكُرُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا. يَعْنِي صَلَاةَ الْعِيدِ. وَقَالَ: مَا صَلَّى قَبْلَ الْعِيدِ بَدْرِيٌّ. وَنَهَى عَنْهُ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ. وَرُوِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>