للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقُرْبِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكْرِمَةً لَهُمْ، وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ فِي الْقُرْبِ سَوَاءٌ، فَاسْتَوَيَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ.

وَلَمْ أَعْلَمْ هَذَا نَصًّا عَنْ أَحْمَدَ. وَعُمُومُ الْآيَةِ يَقْتَضِي تَعْمِيمَهُمْ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: لَهُ قَوْلٌ آخَرُ، أَنَّهُ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ؛ لِعُمُومِ النَّصِّ فِي كُلِّ يَتِيمٍ، وَقِيَاسًا لَهُ عَلَى سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى، وَلِأَنَّهُ لَوْ خَصَّ بِهِ الْفَقِيرَ، لَكَانَ دَاخِلًا فِي جُمْلَةِ الْمَسَاكِينِ الَّذِينَ هُمْ أَصْحَابُ السَّهْمِ الرَّابِعِ، وَكَانَ يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِمْ وَتَسْمِيَتِهِمْ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُفَرَّقُ عَلَى الْأَيْتَامِ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ، وَلَا يَخُصُّ بِهِ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَغْزَى. وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ.

[مَسْأَلَةٌ الْخُمْس الرَّابِعُ فِي الْغَنِيمَة لِلْمَسَاكِينِ]

مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْخُمُسُ الرَّابِعُ لِلْمَسَاكِينِ) وَهُمْ أَهْلُ الْحَاجَةِ، وَيَدْخُلُ فِيهِمْ الْفُقَرَاءُ، وَالْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ صِنْفَانِ فِي الزَّكَاةِ، وَصِنْفٌ وَاحِدٌ هَا هُنَا، وَفِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا إذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِلَفْظَيْنِ، وَلَمْ يَرِدْ ذَلِكَ إلَّا فِي الزَّكَاةِ، وَسَنَذْكُرُهُمْ فِي أَصْنَافِهَا. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيَعُمُّ بِهَا جَمِيعُهُمْ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، كَقَوْلِهِمْ فِي سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُنَا فِي ذَلِكَ.

[مَسْأَلَةٌ الْخُمْسُ الْخَامِسُ فِي الْغَنِيمَة لِابْنِ السَّبِيلِ]

(٥٠٩٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْخُمُسُ الْخَامِسُ لِابْنِ السَّبِيلِ) وَسَنَذْكُرُهُ أَيْضًا فِي أَصْنَافِ الصَّدَقَةِ، وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْرَ مَا يُوَصِّلُهُ إلَى بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ دَفْعَنَا إلَيْهِ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ، فَأُعْطِيَ بِقَدْرِهَا. فَإِنْ اجْتَمَعَ فِي وَاحِدٍ أَسْبَابٌ، كَالْمِسْكِينِ إذَا كَانَ يَتِيمًا وَابْنَ سَبِيلٍ، اسْتَحَقَّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ لِأَحْكَامٍ، فَوَجَبَ أَنْ نُثَبِّتَ أَحْكَامَهَا، كَمَا لَوْ انْفَرَدَتْ. فَإِنْ أَعْطَاهُ لِيُتْمِهِ، فَزَالَ فَقْرُهُ، لَمْ يُعْطَ لِفَقْرِهِ شَيْئًا.

[مَسْأَلَةٌ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ]

(٥٠٩١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ؛ غَنِيُّهُمْ وَفَقِيرُهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ، إلَّا الْعَبِيدَ) لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ الْيَوْمَ فِي أَنَّ الْعَبِيدَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَالْخِرَقِيِّ، أَنَّ سَائِرَ النَّاسِ لَهُمْ حَقٌّ فِي الْفَيْءِ، غَنِيَّهُمْ وَفَقِيرَهُمْ. ذَكَرَ أَحْمَدُ الْفَيْءَ فَقَالَ: فِيهِ حَقٌّ لِكُلِّ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ. وَقَالَ عُمَرُ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ نَصِيبٌ، إلَّا الْعَبِيدَ، فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهِ شَيْءٌ. وَقَرَأَ عُمَرُ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: ٧] حَتَّى بَلَغَ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: ١٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>