للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَرَضِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْمَقْتُولِ أَكْثَرَ، نُقِلَ إلَى الْقَاتِلِ، لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ، غَرَضًا فِي ذَلِكَ. وَهَلْ يُبَاعُ الْقَاتِلُ، وَتُجْعَلُ قِيمَتُهُ رَهْنًا مَكَانَ الْمَقْتُولِ، أَوْ يُنْقَلُ بِحَالِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ

وَالثَّانِي، يُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا زَادَ فِيهِ مُزَايِدٌ، فَبَلَّغَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ، فَإِنْ عُرِضَ لِلْبَيْعِ فَلَمْ يُزَدْ فِيهِ، لَمْ يُبَعْ، لِعَدَمِ ذَلِكَ

(٣٣٤٧) الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ؛ أَنْ يَتَّفِقَ الدَّيْنَانِ وَتَخْتَلِفَ الْقِيمَتَانِ، بِأَنْ يَكُونَ دَيْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةً، وَقِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةً، وَالْآخَرُ مِائَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ أَكْثَرَ، فَلَا غَرَضَ فِي النَّقْلِ، فَيَبْقَى بِحَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجَانِي أَكْثَرَ، بَيْعَ مِنْهُ بِقَدْرِ جِنَايَتِهِ، يَكُونُ رَهْنًا بِدَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَالْبَاقِي رَهْنٌ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى تَبْقِيَتِهِ وَنَقْلِ الدَّيْنِ إلَيْهِ، صَارَ مَرْهُونًا بِهِمَا، فَإِنْ حَلَّ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ، بِيعَ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ دَيْنُهُ الْمُعَجَّلَ بِيعَ لِيُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ، وَمَا بَقِيَ مِنْهُ رَهْنٌ بِالدَّيْنِ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ الْمُعَجَّلَ الْآخَرُ بِيعَ لِيُسْتَوْفَى بِقَدْرِهِ، وَالْبَاقِي رَهْنٌ بِدَيْنِهِ

(٣٣٤٨) الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ، أَنْ يَخْتَلِفَ الدَّيْنَانِ وَالْقِيمَتَانِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ خَمْسِينَ وَالْآخَرُ ثَمَانِينَ، وَقِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةً وَالْآخَرُ مِائَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْمَقْتُولِ أَكْثَرَ، نُقِلَ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ رَهْنًا عِنْدَ غَيْرِ مُرْتَهَنِ الْقَاتِلِ، فَلِلسَّيِّدِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْجِنَايَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْمَالِ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ، فَالْقِصَاصُ أَوْلَى، فَإِنْ اقْتَصَّ، بَطَلَ الرَّهْنُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ لَمْ تُوجِبْ مَالًا يُجْعَلُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ، وَتَكُونُ رَهْنًا، لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّ الْوَثِيقَةِ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَلِلسَّيِّدِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ، فَتَصِيرُ الْجِنَايَةُ كَالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ، فَيَثْبُتُ الْمَالُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ جَنَى عَلَى الْعَبْدِ، لَوَجَبَ أَرْشُ جِنَايَتِهِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، فَلَأَنْ يَثْبُتَ عَلَى عَبْدِهِ أَوْلَى

فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ لَا يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ، بِعْنَا مِنْهُ بِقَدْرِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَبَاقِيه بَاقٍ عِنْدَ مُرْتَهِنِهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُ بَعْضِهِ، بِيعَ جَمِيعُهُ، وَقُسِّمَ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ، يَكُونُ رَهْنًا. وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ، نُقِلَ الْجَانِي، فَجُعِلَ رَهْنًا عِنْدَ الْآخَرِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُبَاعَ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَرْغَبَ فِيهِ رَاغِبٌ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ، فَيَفْضُلُ مِنْ قِيمَتِهِ شَيْءٌ يَكُنْ رَهْنًا عِنْدَ مُرْتَهِنِهِ. وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

[فَصْلٌ جنى الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ عَلَى مَوْرُوثِ سَيِّدِهِ]

(٣٣٤٩) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى مَوْرُوثِ سَيِّدِهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، كَأَطْرَافِهِ أَوْ مَالِهِ، فَهِيَ كَالْجِنَايَةِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، وَلَهُ الْقِصَاصُ إنْ كَانَتْ مُوجِبَةً لَهُ، وَالْعَفْوُ عَلَى مَالٍ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْمَالِ ابْتِدَاءً، ثَبَتَ، فَإِنْ انْتَقَلَ ذَلِكَ إلَى السَّيِّدِ بِمَوْتِ الْمُسْتَحِقِّ، فَلَهُ مَا لِمُوَرِّثِهِ مِنْ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ عَلَى مَالٍ، لِأَنَّ الِاسْتِدَامَةَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ، فَجَازَ أَنْ يَثْبُتَ بِهَا مَا لَا يَثْبُتُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>