للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا جَمَاعَةً فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فِي مَسْجِدٍ تُكْرَهُ إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ.

وَتُكْرَهُ أَيْضًا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُقِيمَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى النِّسْبَةِ إلَى الرَّغْبَةِ عَنْ الْجُمُعَةِ، أَوْ أَنَّهُ لَا يَرَى الصَّلَاةَ خَلْفَ الْإِمَامِ، أَوْ يُعِيدُ الصَّلَاةَ مَعَهُ فِيهِ، وَفِيهِ افْتِيَاتٌ عَلَى الْإِمَامِ، وَرُبَّمَا أَفْضَى إلَى فِتْنَةٍ، أَوْ لِخَوْفِ ضَرَرٍ بِهِ وَبِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يُصَلِّيهَا فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ مَوْضِعٍ لَا تَحْصُلُ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ بِصَلَاتِهَا فِيهِ.

[مَسْأَلَةٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ أَنْ يَغْتَسِلَ]

(١٣٦٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ أَنْ يَغْتَسِلَ، وَيَلْبَسَ ثَوْبَيْنِ نَظِيفَيْنِ، وَيَتَطَيَّبَ) لَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ، وَفِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ، مِنْهَا مَا رَوَى سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ، فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ، إلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقِيلَ: إنَّ هَذَا إجْمَاعٌ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَاجِبٍ. وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ وَقَاوَلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رَجُلًا، فَقَالَ عَمَّارٌ: أَنَا إذًا أَشَرُّ مِمَّنْ لَا يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَوَجْهُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ أَتَى مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا، يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ.

وَلَنَا، مَا رَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إجْمَاعٌ، حَيْثُ قَالَ عُمَرُ لِعُثْمَانَ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ: إنِّي شُغِلْتُ الْيَوْمَ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ النِّدَاءَ، فَلَمْ أَزِدْ عَلَى الْوُضُوءِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَالْوُضُوءُ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>