فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَدَخَلَتْ أَوْ مَا لَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْت أَبَاك عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ.
[فَصْلٌ قَالَ إنَّ أَعْطَيْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرِ]
(٥٧٧٣) فَصْلٌ إذَا قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَأَعْطَتْهُ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ، طَلُقَتْ؛ لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ دُونَ ذَلِكَ، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِعَدَمِهَا. وَإِنْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا وَازِنَةً، تَنْقُصُ فِي الْعَدَدِ، طَلُقَتْ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا عَدَدًا، تَنْقُصُ فِي الْوَزْنِ، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الدِّرْهَمِ يَنْصَرِفُ إلَى الْوَازِنِ مِنْ دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ مَا كُلُّ عَشْرَةٍ مِنْهَا وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ مَتَى كَانَتْ تَنْفُقُ بِرُءُوسِهَا مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ، طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الدَّرَاهِمِ، وَيَحْصُلُ مِنْهَا مَقْصُودُهَا، وَلَا تَطْلُقُ إذَا أَعْطَتْهُ وَازِنَةً تَنْقُصُ فِي الْعَدَدِ؛ لِذَلِكَ.
وَإِنْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا رَدِيئَةً، كَنُحَاسٍ فِيهَا أَوْ رَصَاصٍ أَوْ نَحْوِهِ، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَلِفِ يَتَنَاوَلُ أَلْفًا مِنْ الْفِضَّةِ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ أَلْفٌ مِنْ الْفِضَّةِ. وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْأَلِفِ بِحَيْثُ يَكُونُ فِيهَا أَلْفٌ فِضَّةٌ. طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهَا قَدْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا فِضَّةً. وَإِنْ أَعْطَتْهُ سَبِيكَةً تَبْلُغُ أَلْفًا، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى دَرَاهِمَ، فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ، بِخِلَافِ الْمَغْشُوشَةِ، فَإِنَّهَا تُسَمَّى دَرَاهِمَ. وَإِنْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا رَدِيءَ الْجِنْسِ لِخُشُونَةٍ، أَوْ سَوَادٍ، أَوْ كَانَتْ وَحْشَةَ السِّكَّةِ، طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ وُجِدَتْ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَهُ رَدُّهَا، وَأَخْذُ بَدَلِهَا. وَهَذَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.
[فَصْل قَالَ إنَّ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا مَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ هَرَوِيًّا]
(٥٧٧٤) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: إنَّ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا مَرْوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَأَعْطَتْهُ هَرَوِيًّا، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الَّتِي عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا لَمْ تُوجَدْ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ مَرَوِيًّا طَلُقَتْ. وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى مَرْوِيٍّ، فَأَعْطَتْهُ هَرَوِيًّا، فَالْخُلْعُ وَاقِعٌ، وَيُطَالِبُهَا بِمَا خَالَعَهَا عَلَيْهِ. وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ، عَلَى أَنَّهُ مَرْوِيٌّ، فَبَانَ هَرَوِيًّا، فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ جِنْسَهُمَا وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ اخْتِلَافُ صِفَةٍ، فَجَرَى مَجْرَى الْعَيْبِ فِي الْعِوَضِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إمْسَاكِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، وَبَيْنَ رَدِّهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ مَرَوِيًّا؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ الصِّفَةَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ فِي جَوَازِ الرَّدِّ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَعِنْدِي لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا سِوَاهُ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَلَى عَيْنِهِ، وَقَدْ أَخَذَهُ. وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ، عَلَى أَنَّهُ قُطْنٌ، فَبَانَ كَتَّانًا، لَزِمَ رَدُّهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إمْسَاكُهُ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ آخَرُ، وَاخْتِلَافُ الْأَجْنَاسِ كَاخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَرْوِيٍّ فَخَرَجَ هَرَوِيًّا، فَإِنَّ الْجِنْسَ وَاحِدٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute