فَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُخَفِّفَ، وَإِنْ قَرَأَتْ سُورَةً فَلْتَكُنْ مِنْ أَخَفِّ السُّوَرِ، أَوْ تَقْرَأَ آيَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْ سُورَةٍ. وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُعَجِّلَ بِالسَّلَامِ حَتَّى يَفْرَغَ أَكْثَرُهُمْ مِنْ التَّشَهُّدِ، فَإِنْ سَلَّمَ قَبْلَ فَرَاغِ بَعْضِهِمْ، أَتَمَّ تَشَهُّدَهُ وَسَلَّمَ.
[فَصْلٌ الرِّوَايَة فِيمَا يَقْضِيه الْمَسْبُوق فِي صَلَاة الْخَوْف]
(١٤٤٨) فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيمَا يَقْضِيهِ الْمَسْبُوقُ، فَرُوِيَ أَنَّهُ أَوَّلُ صَلَاتِهِ، وَمَا يُدْرِكُهُ مَعَ الْإِمَامِ آخِرَهَا. وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.
وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنْ مَا يَقْضِيه آخِرُ صَلَاتِهِ. وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَكْحُولٌ، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَالْمُزَنِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ: «وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّهُ آخِرُ صَلَاتِهِ حَقِيقَةً، فَكَانَ آخِرَهَا حُكْمًا، كَغَيْرِ الْمَسْبُوقِ، وَلِأَنَّهُ يَتَشَهَّدُ فِي آخِرِ مَا يَقْضِيه وَيُسَلِّمُ، وَلَوْ كَانَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ لَمَا تَشَهَّدَ وَكَانَ يَكْفِيهِ تَشَهُّدُهُ مَعَ الْإِمَامِ. وَلِلرِّوَايَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ: «وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» . وَهُوَ صَحِيحٌ، وَلِأَنَّهُ يُسَمَّى قَضَاءً، وَالْقَضَاءُ لِلْفَائِتِ، وَالْفَائِتُ أَوَّلُ الصَّلَاةِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " فَأَتِمُّوا " أَيْ اقْضُوا، لِأَنَّ الْقَضَاءَ إتْمَامٌ؛ وَلِذَلِكَ سَمَّاهُ فَائِتًا، وَالْفَائِتُ أَوَّلُ الصَّلَاةِ، وَلِأَنَّهُ يَقْرَأُ فِيمَا يَقْضِيهِ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً، فَكَانَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ، كَغَيْرِ الْمَسْبُوقِ.
وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كُلُّ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ بِالْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا يَقُولُونَ: يَقْضِي مَا فَاتَهُ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُورَةٍ، عَلَى حَسَبِ مَا قَرَأَ إمَامُهُ، إلَّا إِسْحَاقَ وَالْمُزَنِيِّ وَدَاوُد، قَالُوا: يَقْرَأُ بِالْحَمْدُ وَحْدَهَا.
وَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْقَضَاءِ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ، لَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الِاسْتِفْتَاحِ وَالِاسْتِعَاذَةِ حَالَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ، وَفِي مَوْضِعِ الْجَلْسَةِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، فِي حَقِّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ وَالرُّبَاعِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[فَصْلٌ أَدْرَكَ رَكْعَة مِنْ الْمَغْرِب أَوْ الرَّبَاعِيَة فِي صَلَاة الْخَوْف]
(١٤٤٩) فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي مَوْضِعِ الْجَلْسَةِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فِي حَقِّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ أَوْ الرُّبَاعِيَّةِ، إذَا قَضَى، فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ إذَا قَامَ اسْتَفْتَحَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ، يَقْرَأُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُورَةٍ.
نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ، وَفَعَلَ ذَلِكَ جُنْدُبٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا أَوَّلُ صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَتَشَهَّدْ بَيْنَهُمَا كَغَيْرِ الْمَسْبُوقِ، وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى صِفَةِ الْأَدَاءِ، وَالْأَدَاءُ لَا جُلُوسَ فِيهِ، وَلِأَنَّهُمَا رَكْعَتَانِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُورَةٍ، فَلَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا كالمؤداتين.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَقُومُ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ، يَقْرَأُ فِيهَا بِالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُورَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَأْتِيَ بِأُخْرَى بِالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُورَةٍ، فِي الْمَغْرِبِ، أَوْ بِرَكْعَتَيْنِ