للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُكَبِّرُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ إلَى الصَّلَاةِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَفِي الْأُخْرَى إلَى فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الصَّلَاةِ.

[مَسْأَلَةٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِالْغُسْلِ لِلْعِيدِ]

(١٣٩٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا أَصْبَحُوا تَطَهَّرُوا) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِالْغُسْلِ لِلْعِيدِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبِهِ قَالَ عَلْقَمَةُ، وَعُرْوَةُ، وَعَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْفَاكِهُ بْنُ سَعْدٍ «، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى» .

وَرُوِيَ أَيْضًا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي جُمُعَةٍ مِنْ الْجُمَعِ: إنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَاغْتَسِلُوا، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ.» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

فَعَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَكُونُ الْجُمُعَةُ عِيدًا.

وَلِأَنَّهُ يَوْمٌ يَجْتَمِعُ النَّاسُ فِيهِ لِلصَّلَاةِ، فَاسْتُحِبَّ الْغُسْلُ فِيهِ، كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ مَعَ الْأَمْرِ بِهِ فِيهَا، فَغَيْرُهَا أَوْلَى (١٣٩٨) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَنَظَّفَ، وَيَلْبَسَ أَحْسَنَ مَا يَجِدُ، وَيَتَطَيَّبَ، وَيَتَسَوَّكَ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْجُمُعَةِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَدِيثِ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: «وَجَدَ عُمَرُ حُلَّةً مِنْ إسْتَبْرَقٍ فِي السُّوقِ، فَأَخَذَهَا، فَأَتَى بِهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ تَتَجَمَّلْ بِهَا فِي الْعِيدَيْنِ وَالْوَفْدِ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّجَمُّلَ عِنْدَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كَانَ مَشْهُورًا.

وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُقِيمُ وَيَلْبَسُ بُرْدَهُ الْأَحْمَرَ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ» بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُ فِي الْعِيدَيْنِ بُرْدَ حِبَرَةٍ» .

وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَوْبَانِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ لِجُمُعَتِه وَعِيدِهِ.» وَقَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ الطِّيبَ وَالزِّينَةَ فِي كُلِّ عِيدٍ، وَالْإِمَامُ بِذَلِكَ أَحَقُّ، لِأَنَّهُ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ مِنْ بَيْنِهِمْ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَكِفَ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْخُرُوجُ فِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ، لِيَبْقَى عَلَيْهِ أَثَرُ الْعِبَادَةِ وَالنُّسُكِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: طَاوُسٌ كَانَ يَأْمُرُ بِزِينَةِ الثِّيَابِ وَعَطَاءٌ قَالَ: هُوَ يَوْمُ التَّخَشُّعِ. وَأَسْتَحْسِنُهُمَا جَمِيعًا. وَذَكَرَ اسْتِحْبَابَ خُرُوجِهِ فِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>