للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ وَإِنْ وَقَفَتْ الدَّابَّةُ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ]

(٧٤٠١) وَإِنْ وَقَفَتْ الدَّابَّةُ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ، ضَمِنَ مَا جَنَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ فَمٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِوَقْفِهَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ وَاسِعًا، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يَضْمَنُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ انْتِفَاعَهُ بِالطَّرِيقِ مَشْرُوطٌ بِالسَّلَامَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ فِي الطَّرِيقِ طِينًا، فَزَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ، ضَمِنَهُ. وَالثَّانِيَةُ، لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِوَقْفِهَا فِي الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ، فَلَمْ يَضْمَنْ، كَمَا لَوْ وَقَفَهَا فِي مَوَاتٍ. وَفَارَقَ الطِّينَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِتَرْكِهِ فِي الطَّرِيقِ.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَإِذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ، فَمَاتَتْ الدَّابَّتَانِ]

(٧٤٠٢) : (وَإِذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ، فَمَاتَتْ الدَّابَّتَانِ، ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةَ دَابَّةِ الْآخَرِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُصْطَدِمَيْنِ ضَمَانَ مَا تَلِفَ مِنْ الْآخَرِ، مِنْ نَفْسٍ أَوْ دَابَّةٍ، أَوْ مَالٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّتَانِ فَرَسَيْنِ، أَوْ بَغْلَيْنِ، أَوْ حِمَارَيْنِ، أَوْ جَمَلَيْنِ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَرَسًا وَالْآخَرُ غَيْرَهُ، سَوَاءٌ كَانَا مُقْبِلَيْنِ، أَوْ مُدْبِرَيْنِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَصَاحِبَاهُ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ مَا تَلِفَ مِنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِفِعْلِهِمَا، فَكَانَ الضَّمَانُ مُنْقَسِمًا عَلَيْهِمَا، كَمَا لَوْ جَرَحَ إنْسَانٌ نَفْسَهُ، وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ، فَمَاتَ مِنْهُمَا.

وَلَنَا، أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ مِنْ صَدْمَةِ صَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ قَرَّبَهَا إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ، فَلَزِمَ الْآخَرَ ضَمَانُهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ وَاقِفَةً بِخِلَافِ الْجِرَاحَةِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ قِيمَةَ الدَّابَّتَيْنِ إنْ تَسَاوَتَا، تَقَاصَّتَا وَسَقَطَتَا، وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْأُخْرَى، فَلِصَاحِبِهَا الزِّيَادَةُ، وَإِنْ مَاتَتْ إحْدَى الدَّابَّتَيْنِ، فَعَلَى الْآخَرِ قِيمَتُهَا، وَإِنْ نَقَصَتْ فَعَلَيْهِ نَقْصِهَا. (٧٤٠٣) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيْ الْآخَرِ، فَأَدْرَكَهُ الثَّانِي فَصَدَمَهُ، فَمَاتَتْ الدَّابَّتَانِ، أَوْ إحْدَاهُمَا، فَالضَّمَانُ عَلَى اللَّاحِقِ؛ لِأَنَّهُ الصَّادِمُ وَالْآخَرُ مَصْدُومٌ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاقِفِ.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسِيرُ وَالْآخَرُ وَاقِفًا.]

(٧٤٠٤) : (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسِيرُ، وَالْآخَرُ وَاقِفًا، فَعَلَى السَّائِرِ قِيمَةُ دَابَّةِ الْوَاقِفِ) نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ السَّائِرَ هُوَ الصَّادِمُ الْمُتْلِفُ، فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ. وَإِنْ مَاتَ هُوَ أَوْ دَابَّتُهُ، فَهُوَ هَدْرٌ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ نَفْسَهُ وَدَابَّتَهُ.

وَإِنْ انْحَرَفَ الْوَاقِفُ، فَصَادَفَتْ الصَّدْمَةُ انْحِرَافَهُ، فَهُمَا كَالسَّائِرَيْنِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>