لِلْوَاهِبِ، وَخُمْسَاهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، إلَّا أَنَّ نُفُوذَ الْهِبَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْهَا مَوْقُوفٌ عَلَى حُصُولِ الْمَهْرِ مِنْ الْوَاطِئِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ، لَمْ تَزِدْ الْهِبَةُ عَلَى ثُلُثِهَا. وَكُلَّمَا حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ نَفَذَتْ الْهِبَةُ فِي الزِّيَادَةِ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ. وَإِنْ وَطِئَهَا الْوَاهِبُ، فَعَلَيْهِ مِنْ عُقْرِهَا بِقَدْرِ مَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِ، وَهُوَ ثُلُثُ شَيْءٍ، يَبْقَى مَعَهُ ثَلَاثُونَ إلَّا شَيْئًا، يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، فَالشَّيْءُ تِسْعَةٌ، وَهُوَ خُمْسُ الْجَارِيَةِ، وَعُشْرُهَا وَسَبْعَةُ أَعْشَارِهَا لِوَرَثَةِ الْوَاطِئِ، وَعَلَيْهِمْ عُقْرُ الَّذِي جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْجَارِيَةِ بِقَدْرِهَا، صَارَ لَهُ خُمْسَاهَا.
[فَصْلٌ وَهَبَ مَرِيضٌ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَقَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ]
(٤٧١٩) فَصْلٌ: وَإِنْ وَهَبَ مَرِيضٌ رَجُلًا عَبْدًا، لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، فَقَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ، قِيلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: إمَّا أَنْ تَفْدِيَهُ، وَإِمَّا أَنْ تُسَلِّمَهُ، فَإِنْ اخْتَارَ تَسْلِيمَهُ سَلَّمَهُ كُلَّهُ، نِصْفَهُ بِالْجِنَايَةِ، وَنِصْفَهُ لِانْتِقَاضِ الْهِبَةِ فِيهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ كُلَّهُ قَدْ صَارَ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ، وَهُوَ مِثْلَا نِصْفِهِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْهِبَةَ جَازَتْ فِي نِصْفِهِ. وَإِنْ اخْتَارَ فِدَاءَهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا؛ يَفْدِيهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْهُ أَوْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ. وَالْأُخْرَى، يَفْدِيهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ
فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِيَةً، فَإِنَّك تَقُولُ: صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي شَيْءٍ، وَتَدْفَعُ إلَيْهِمْ نِصْفَ الْعَبْدِ وَقِيمَةَ نِصْفِهِ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الشَّيْءَ نِصْفُ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِيَتَيْنِ، وَاخْتَارَ دَفْعَهُ، فَإِنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي شَيْءٍ، وَتَدْفَعُ إلَيْهِمْ نِصْفَهُ، يَبْقَى مَعَهُمْ عَبْدٌ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ، يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، فَالشَّيْءُ خُمْسَاهُ، وَيَرُدُّ إلَيْهِمْ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِ؛ لِانْتِقَاصِ الْهِبَةِ، وَخُمْسًا مِنْ أَجْلِ جِنَايَتِهِ، فَيَصِيرُ لَهُمْ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، وَذَلِكَ مِثْلَا مَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِ. وَإِنْ اخْتَارَ فِدَاءَهُ، فَدَاهُ بِخُمُسَيْ الدِّيَةِ، وَيَبْقَى لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ وَخُمْسَا الدِّيَةِ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ خُمْسٍ مِنْهُ، وَيَبْقَى لَهُ خُمْسَاهُ
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ نِصْفَ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ، وَقُلْنَا: نَفْدِيهِ بِأَرْشِ جِنَايَتِهِ. نَفَذَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّ أَرْشُهَا أَكْثَرَ مِنْ مِثْلَيْ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلَيْهَا. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ، فَاخْتَارَ فِدَاءَهُ بِالدِّيَةِ، فَقَدْ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي شَيْءٍ، وَيَفْدِيهِ بِشَيْءٍ وَثُلُثَيْنِ، فَصَارَ مَعَ الْوَرَثَةِ عَبْدٌ وَثُلُثَا شَيْءٍ، يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، فَالشَّيْءُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ، فَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ، وَيَرْجِعُ إلَى الْوَاهِبِ رُبْعُهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ، صَارَ الْجَمِيعُ تِسْعَمِائَةٍ، وَهُوَ مِثْلَا مَا صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيهِ
فَإِنْ تَرَكَ الْوَاهِبُ مِائَةَ دِينَارٍ، فَاضْمُمْهَا إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ اخْتَارَ دَفْعَ الْعَبْدِ، دَفَعَ ثُلُثَهُ وَرُبْعَهُ، وَذَلِكَ قَدْرُ نِصْفِ جَمِيعِ الْمَالِ بِالْجِنَايَةِ وَبَاقِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute