للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٧٤٠٨) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ الْقَيِّمَانِ مَالِكَيْنِ لِلسَّفِينَتَيْنِ بِمَا فِيهِمَا تَقَاصَّا، وَأَخَذَ ذُو الْفَضْلِ فَضْلَهُ، وَإِنْ كَانَا أَجِيرَيْنِ، ضَمِنَا، وَلَا تَقَاصَّ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ مَنْ يَجِبُ لَهُ غَيْرُ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ فِي السَّفِينَتَيْنِ أَحْرَارٌ فَهَلَكُوا، وَكَانَا قَدْ تَعَمَّدَا الْمُصَادَمَةَ، وَذَلِكَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ. وَإِنْ كَانُوا عَبِيدًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَيِّمَيْنِ، إذَا كَانَ حُرَّيْنِ.

وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدَا الْمُصَادَمَةَ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَجَبَتْ دِيَةُ الْأَحْرَارِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَيِّمَيْنِ، وَقِيمَةُ الْعَبِيدِ فِي أَمْوَالِهِمَا. وَإِنْ كَانَ الْقَيِّمَانِ عَبْدَيْنِ، تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِمَا، فَإِنْ تَلِفَا جَمِيعًا، سَقَطَ الضَّمَانُ، وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ التَّفْرِيطِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ. وَإِنْ كَانَ فِي السَّفِينَتَيْنِ وَدَائِعُ وَمُضَارَبَاتٌ، لَمْ تَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يَضْمَنُ، مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ أَوْ عُدْوَانٌ. وَإِنْ كَانَتْ السَّفِينَتَانِ بِأُجْرَةٍ، فَهُمَا أَمَانَةٌ أَيْضًا، لَا ضَمَانَ فِيهِمَا.

وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا مَالٌ يَحْمِلَانِهِ بِأُجْرَةٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ بِأَمْرٍ غَيْرِ مُسْتَطَاعٍ.

(٧٤٠٩) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَتْ إحْدَى السَّفِينَتَيْنِ قَائِمَةً وَالْأُخْرَى سَائِرَةً، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَاقِفَةِ، وَعَلَى السَّائِرَةِ ضَمَانُ الْوَاقِفَةِ، إنْ كَانَ مُفَرِّطًا، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ، عَلَى مَا قَدَّمْنَا.

[فَصْلٌ وَإِنْ خِيفَ عَلَى السَّفِينَةِ الْغَرَقُ فَأَلْقَى بَعْضُ الرُّكْبَانِ مَتَاعَهُ]

وَإِنْ خِيفَ عَلَى السَّفِينَةِ الْغَرَقُ، فَأَلْقَى بَعْضُ الرُّكْبَانِ مَتَاعَهُ لِتَخِفَّ وَتَسْلَمَ مِنْ الْغَرَقِ، لَمْ يَضْمَنْهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَتَاعَ نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ؛ لِصَلَاحِهِ وَصَلَاحِ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَلْقَى مَتَاعَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، ضَمِنَهُ وَحْدَهُ.

وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَلْقِ مَتَاعَك. فَقَبِلَ مِنْهُ، لَمْ يَضْمَنْهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ ضَمَانَهُ. وَإِنْ قَالَ: أَلْقِهِ، وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ. أَوْ: وَعَلَيَّ قِيمَتُهُ. لَزِمَهُ ضَمَانُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ بِعِوَضٍ لِمَصْلَحَةٍ، فَوَجَبَ لَهُ الْعِوَضُ عَلَى مَنْ الْتَزَمَهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ. وَإِنْ قَالَ: أَلْقِهِ، وَعَلَيَّ وَعَلَى رُكْبَانِ السَّفِينَةِ ضَمَانُهُ. فَأَلْقَاهُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ وَحْدَهُ. وَهَذَا نَصُّ الشَّافِعِيِّ. وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ ضَمَانَهُ جَمِيعَهُ، فَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ ضَمَانَ اشْتِرَاكٍ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: نَحْنُ نَضْمَنُ لَك.

أَوْ قَالَ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا ضَمَانُ قِسْطِهِ أَوْ رُبْعِ مَتَاعِك. لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الضَّمَانِ. وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا حِصَّتَهُ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ الْبَاقِينَ بِالضَّمَانِ، فَسَكَتُوا، وَسُكُوتُهُمْ لَيْسَ بِضَمَانٍ. وَإِنْ الْتَزَمَ ضَمَانَ الْجَمِيعِ، وَأَخْبَرَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ، لَزِمَهُ ضَمَانُ الْكُلِّ، وَإِنْ قَالَ: أَلْقِهِ عَلَى أَنْ أَضْمَنَهُ لَك أَنَا وَرُكْبَانُ السَّفِينَةِ، فَقَدْ أَذِنُوا لِي فِي ذَلِكَ. فَأَلْقَاهُ، ثُمَّ أَنْكَرُوا الْإِذْنَ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِجَمِيعِهِ. وَإِنْ قَالَ: أُلْقِي مَتَاعِي، وَتَضْمَنُهُ لِي؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَأَلْقَاهُ، ضَمِنَهُ لَهُ.

وَإِنْ قَالَ: أَلْقِ مَتَاعَك، وَعَلَيَّ ضَمَانُ نِصْفِهِ، وَعَلَى أَخِي ضَمَانُ مَا بَقِيَ. فَأَلْقَاهُ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُ النِّصْفِ وَحْدَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>