إحْدَاهُمَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ حِينَ وَضْعِهِ، تُطْرَحُ فِي الْمَغْنَمِ، لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقَّهُ، فَأَشْبَهَ وَلَدَ الْمَغْرُورِ، وَالثَّانِيَةُ، لَا تَلْزَمُهُ،، لِأَنَّهُ مَلَكَهَا حِينَ عَلِقَتْ، وَلَمْ يَثْبُتْ مِلْكُ الْغَانِمِينَ فِي الْوَلَدِ بِحَالٍ، فَأَشْبَهَ وَلَدَ الْأَبِ مِنْ جَارِيَةِ ابْنِهِ إذَا وَطِئَهَا، وَلِأَنَّهُ يَعْتِقُ حِينَ عُلُوقِهِ، وَلَا قِيمَةَ لَهُ حِينَئِذٍ، وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا صَارَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ، يَكُونُ الْوَلَدُ كُلُّهُ حُرًّا، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِهِ.
[فَصْلٌ كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى بَعْضِ الْغَانِمِينَ]
(٧٦٣٦) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى بَعْضِ الْغَانِمِينَ، نَظَرْت، فَإِنْ كَانَ رَجُلًا لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ عَمَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَمَّ عَلِيٍّ، وَعَقِيلًا أَخَا عَلِيٍّ كَانَا فِي أَسْرَى بَدْرٍ، فَلَمْ يَعْتِقَا عَلَيْهِمَا وَلِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَصِيرُ رَقِيقًا بِنَفْسِ السَّبْيِ وَإِنْ اُسْتُرِقَّ، أَوْ كَانَ الْأَسِيرُ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا عَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرُ نَصِيبِهِ وَسَرَى إلَى بَاقِيه إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ إلَّا مِلْكُهُ مِنْهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهَذَا مُقْتَضَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ الِاغْتِنَامِ، وَلَوْ مَلَكَ لَمْ يَتَعَيَّنْ مِلْكُهُ فِيهِ، وَإِنْ قَسَمَهُ، وَجَعَلَهُ فِي نَصِيبِهِ وَاخْتَارَ تَمَلُّكَهُ، عَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ جُعِلَ لَهُ بَعْضُهُ، فَاخْتَارَ تَمَلُّكَهُ، عَتَقَ عَلَيْهِ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ الْبَاقِي.
وَلَنَا، مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْغَانِمِينَ لِكَوْنِ الِاسْتِيلَاءِ التَّامِّ وُجِدَ مِنْهُمْ، وَهُوَ سَبَبٌ لِلْمِلْكِ، وَلِأَنَّ مِلْكَ الْكُفَّارِ قَدْ زَالَ، وَلَا يَزُولُ إلَّا إلَى الْمُسْلِمِينَ.
[فَصْلٌ أَعْتَقَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ عَبْدًا مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ]
(٧٦٣٧) فَصْلٌ: فَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ عَبْدًا مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ الرِّقُّ، كَالرَّجُلِ قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ لَمْ يَعْتِقْ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا كَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ، عَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرُ حِصَّتِهِ، وَسَرَى إلَى بَاقِيه إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ بَاقِيه تُطْرَحُ فِي الْمَقْسَمِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا عَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرُ مِلْكِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ، لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ حَقِّهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ، عَتَقَ وَلَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ دُونَ حَقِّهِ، أَخَذَ بَاقِيَ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ، لَمْ يَعْتِقْ إلَّا قَدْرُ حَقِّهِ، فَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا ثَانِيًا، وَفَضَلَ مِنْ حَقِّهِ عَنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ، عَتَقَ بِقَدْرِهِ مِنْ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ، لَمْ يَعْتِقْ مِنْ الثَّانِي شَيْءٌ.
[فَصْلٌ نَقْلُ رُءُوسِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَالتَّمْثِيل بِقَتْلَاهُمْ]
(٧٦٣٨) فَصْلٌ: يُكْرَهُ نَقْل رُءُوسِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ، وَالْمُثْلَةُ بِقَتْلَاهُمْ وَتَعْذِيبُهُمْ لِمَا رَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute