[فَصْلٌ بَاعَ عَبْدًا لِذِي رَحِمِهِ وَأَجْنَبِيٍّ صَفْقَةً وَاحِدَةً]
(٨٦٠٥) فَصْلٌ: وَإِذَا بَاعَ عَبْدًا لِذِي رَحِمِهِ وَأَجْنَبِيٍّ صَفْقَةً وَاحِدَةً، عَتَقَ كُلُّهُ، إذَا كَانَ ذُو الرَّحِمِ مُعْسِرًا، وَضَمِنَ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ حَقِّهِ مِنْهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ، شَيْئًا؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَتِمَّ إلَّا بِقَبُولِ شَرِيكِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي إعْتَاقِ نَصِيبِهِ. وَلَنَا أَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ بِمِلْكِهِ بِاخْتِيَارِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ بَاقِيه مَعَ يَسَارِهِ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِشِرَائِهِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ إلَّا بِقَبُولِ شَرِيكِهِ.
[فَصْل كَانَتْ أَمَةً مُزَوِّجَة وَلَهَا ابْنٌ مُوسِرٌ فَاشْتَرَاهَا هُوَ وَزَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً]
(٨٦٠٦) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَتْ أَمَةٌ مُزَوَّجَةٌ، وَلَهَا ابْنٌ مُوسِرٌ، فَاشْتَرَاهَا هُوَ وَزَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ، صَفْقَةً وَاحِدَةً، عَتَقَ نَصِيبُ الِابْنِ مِنْ أُمِّهِ، وَسَرَى إلَى نَصِيبِ الزَّوْجِ، وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَعَتَقَ الْحَمْلُ عَلَيْهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ ابْنُ الزَّوْجِ وَأَخُو الِابْنِ، وَلَا يَجِبُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْءٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِمَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ. وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَوُهِبَتْ لَهُمَا، أَوْ أُوصِي لَهُمَا بِهَا، فَقَبِلَاهَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، فَكَذَلِكَ، وَإِنْ قَبِلَهَا أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، نَظَرْنَا؛ فَإِنْ قَبِلَ الِابْنُ أَوَّلًا، عَتَقَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ وَحَمْلُهَا؛ حِصَّتُهُ مِنْ الْأُمِّ بِالْمِلْكِ، وَتَبِعَهَا حِصَّتُهُ مِنْ الْحَمْلِ، وَسَرَى الْعِتْقُ إلَى الْبَاقِي مِنْ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ بَاقِيهِمَا لِلزَّوْجِ. وَإِنْ قَبِلَ الزَّوْجُ أَوَّلًا، عَتَقَ عَلَيْهِ الْحَمْلُ كُلُّهُ؛ نَصِيبُهُ بِالْمِلْكِ، وَبَاقِيه بِالسِّرَايَةِ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ. ثُمَّ إذَا قَبِلَ الِابْنُ، عَتَقَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ كُلُّهَا، وَيَتَقَاصَّانِ، وَيَرُدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَضْلَ عَلَى صَاحِبِهِ. وَمَنْ قَالَ فِي الْوَصِيَّةِ: إنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ فِيهَا بِالْمَوْتِ. فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ قَبِلَاهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً.
[فَصْل كَانَ لِرَجُلٍ نِصْفُ عَبْدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْقِيمَةِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمَا فَأَعْتَقَ أَحَدَهُمَا فِي صِحَّتِهِ]
(٨٦٠٧) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ نِصْفُ عَبْدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْقِيمَةِ، لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمَا، فَأَعْتَقَ أَحَدَهُمَا فِي صِحَّتِهِ، عَتَقَ، وَسَرَى إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِالنِّصْفِ الَّذِي لَهُ مِنْ الْعَبْدِ الْآخَرِ، فَإِنْ أَعْتَقَ النِّصْفَ الْآخَرَ، مِنْ الْعَبْدِ الْآخِرِ، عَتَقَ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقِيمَةِ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ عِتْقِهِ، وَلَمْ يَسْرِ؛ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْأَوَّلَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، لَمْ يَسْرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ، وَثُلُثُ مَالِهِ هُوَ الثُّلُثُ مِنْ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَ نِصْفَهُ، وَإِذَا أَعْتَقَ الثَّانِيَ، وَقَفَ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْأَوَّلَ فِي صِحَّتِهِ، وَأَعْتَقَ الثَّانِيَ، فِي مَرَضِهِ، لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ، فَيَمْنَعُ صِحَّةَ عِتْقِهِ، إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute