الْآخَرُ، قَبْلَ عَفْوِهِ عَنْ شُفْعَتِهِ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا، وَهُوَ تَوَفُّرُ الشُّفْعَةِ عَلَيْهِ.
فَإِذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ عَفَا عَنْ الشُّفْعَةِ، ثُمَّ أَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةِ، لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّهَا رُدَّتْ لِلتُّهْمَةِ، فَلَمْ تُقْبَلْ بَعْدَ زَوَالِهَا، كَشَهَادَةِ الْفَاسِقِ إذَا رُدَّتْ ثُمَّ تَابَ وَأَعَادَهَا، لَمْ تُقْبَلْ.
وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ حَتَّى عَفَا، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ، وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي مَعَ شَهَادَتِهِ. وَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى الشَّفِيعَيْنِ مَعًا، فَحَلَفَا، ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا، وَنَكَلَ الْآخَرُ، نَظَرْنَا فِي الْحَالِفِ؛ فَإِنْ صَدَّقَ شَرِيكَهُ فِي الشُّفْعَةِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى يَمِينٍ، وَكَانَتْ الشُّفْعَةُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَتَوَفَّرُ عَلَيْهِ إذَا سَقَطَتْ شُفْعَةُ شَرِيكِهِ.
وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ عَفَا، فَنَكَلَ، قُضِيَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ كُلِّهَا. وَسَوَاءٌ وَرِثَا الشُّفْعَةَ أَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ. وَإِنْ شَهِدَ أَجْنَبِيٌّ بِعَفْوِ أَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ، وَاحْتِيجَ إلَى يَمِينٍ مَعَهُ قَبْلَ عَفْوِ الْآخَرِ، حَلَفَ، وَأَخَذَ الْكُلَّ بِالشُّفْعَةِ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، حَلَفَ الْمُشْتَرِي، وَسَقَطَتْ الشُّفْعَةُ. وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ شُفَعَاءَ، فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى الثَّالِثِ بِالْعَفْوِ بَعْدَ عَفْوِهِمَا، قُبِلَتْ، وَإِنْ شَهِدَا، قَبْلَهُ، رُدَّتْ.
وَإِنْ شَهِدَا بَعْدَ عَفْوِ أَحَدِهِمَا وَقَبْلَ عَفْوِ الْآخَرِ، رُدَّتْ شَهَادَةُ غَيْرِ الْعَافِي، وَقُبِلَتْ شَهَادَةُ الْعَافِي. وَإِنْ شَهِدَ الْبَائِعُ بِعَفْوِ الشَّفِيعِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَهُ. وَالثَّانِي، لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ ذَلِكَ لِيُسَهِّلَ اسْتِيفَاءَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَأْخُذُهُ مِنْ الشَّفِيعِ، فَيَسْهُلُ عَلَيْهِ وَفَاؤُهُ، أَوْ يَتَعَذَّرُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْوَفَاءُ لِفَلْسِهِ، فَيَسْتَحِقُّ اسْتِرْجَاعَ الْمَبِيعِ. وَإِنْ شَهِدَ لِمُكَاتَبِهِ بِعَفْوِ شَفِيعِهِ، أَوْ شَهِدَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ لِمُكَاتَبِهِ فِيهِ شُفْعَةٌ، لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدُهُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، كَمُدَبَّرِهِ، وَلِأَنَّ مَا يَحْصُلُ لِلْمُكَاتَبِ يَنْتَفِعُ بِهِ السَّيِّدُ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَجَزَ صَارَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ سَهُلَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ لَهُ.
وَإِنْ شَهِدَ عَلَى مُكَاتَبِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ، فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ عَلَى وَلَدِهِ.
[مَسْأَلَة الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ إذَا أَخَذَهُ الشُّفَعَاءُ]
(٤٠٧١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهَا، وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا، وَلِلْآخَرِ سُدُسُهَا، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ، كَانَتْ الشُّفْعَةُ بَيْنَ النَّفْسَيْنِ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمَا) الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ إذَا أَخَذَهُ الشُّفَعَاءُ، قُسِمَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءٍ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَسَوَّارٌ، وَالْعَنْبَرِيُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute