فِيهِ كَذَلِكَ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ نَصِيبُهُ إلَى سَائِرِ أَهْلِ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ فِي دَرَجَتِهِ فِي الْقُرْبِ إلَى الْجَدِّ الَّذِي يَجْمَعُهُمْ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ إخْوَتُهُ وَبَنُو عَمِّهِ وَبَنُو بَنِي عَمِّ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي الْقُرْبِ، وَلِأَنَّنَا لَوْ شَرَّكْنَا بَيْنَ أَهْلِ الْوَقْفِ كُلِّهِمْ فِي نَصِيبِهِ، لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الشَّرْطِ فَائِدَةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَصَدَ شَيْئًا يُفِيدُ. فَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ، بَطَلَ هَذَا الشَّرْطُ، وَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ. وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، عَلَى أَنَّهُ مِنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ، وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ.
فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْوَقْفِ كُلِّهِمْ، يَتَسَاوُونَ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بَطْنٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ بُطُونٍ، وَسَوَاءٌ تَسَاوَتْ أَنْصِبَاؤُهُمْ فِي الْوَقْفِ، أَوْ اخْتَلَفَتْ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ. وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ لِأَهْلِ بَطْنٍ، سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ لَمْ يَكُونُوا، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْبَطْنُ الْأُوَلُ ثَلَاثَةً، فَمَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنٍ، ثُمَّ مَاتَ الثَّانِي عَنْ ابْنَيْنِ، فَمَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ، وَتَرَكَ أَخَاهُ وَعَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَابْنًا لِعَمِّهِ الْحَيِّ، فَيَكُونَ نَصِيبُهُ بَيْنَ أَخِيهِ وَابْنَيْ عَمِّهِ. وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ لِأَهْلِ بَطْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، فَيَكُونَ نَصِيبُهُ عَلَى هَذَا لِأَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ.
فَإِنْ كَانَ فِي دَرَجَتِهِ فِي النَّسَبِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ بِحَالٍ، كَرَجُلِ لَهُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ، وَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَتَرَكَ الرَّابِعَ، فَمَاتَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، لَمْ يَكُنْ لِلرَّابِعِ فِيهِ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَأَشْبَهَ ابْنَ عَمِّهِمْ.
(٤٣٨٨) فَصْلٌ: وَإِنْ وَقَفَ عَلَى بَنِيهِ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ، عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَأَوْلَادِهِمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، وَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ الْوَقْفِ. فَهُوَ عَلَى مَا شَرَطَ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ، فَقَالَ: مَنْ مَاتَ مِنْ الذُّكُورِ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، وَمَنْ مَاتَ مِنْ الْبَنَاتِ فَنَصِيبُهَا لِأَهْلِ الْوَقْفِ. فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ. وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي، عَلَى أَنْ يُصْرَفَ إلَى الْبَنَاتِ مِنْهُ أَلْفٌ، وَالْبَاقِي لِلْبَنِينَ
لَمْ يَسْتَحِقَّ الْبَنُونَ شَيْئًا حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الْبَنَاتُ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْبَنَاتِ مُسَمًّى، وَجَعَلَ لِلْبَنِينَ الْفَاضِلَ عَنْهُ، فَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مَا قَالَ، فَجَعَلَ الْبَنَاتِ كَذَوِي الْفُرُوضِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ لَهُمْ فَرْضًا، وَجَعَلَ الْبَنِينَ كَالْعَصَبَاتِ الَّذِينَ لَا يَسْتَحِقُّونَ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي الْفُرُوضِ.
[فَصْلٌ لَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ فَقَالَ وَقَفْت عَلَى وَلَدَيَّ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِي]
(٤٣٨٩) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ فَقَالَ: وَقَفْت عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِي. كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الِابْنَيْنِ الْمُسَمَّيَيْنِ، وَعَلَى أَوْلَادِهِمَا، وَأَوْلَادِ الثَّالِثِ، وَلَيْسَ لِلثَّالِثِ شَيْءٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَدْخُلُ الثَّالِثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute