للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصَبْت، وَأَحْسَنْت» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ.

وَلِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِأَنَّ مَنْ بَنَى حَائِطًا جَعَلَ وَجْهَ الْحَائِطِ إلَيْهِ. وَلَنَا، عُمُومُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» . وَلِأَنَّ وَجْهَ الْحَائِطِ وَمَعَاقِدَ الْقِمْطِ إذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيهِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ إلَى أَحَدِهِمَا، إذْ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ إلَيْهِمَا جَمِيعًا، فَبَطَلَتْ دَلَالَتُهُ كَالتَّزْوِيقِ، وَلِأَنَّهُ يُرَادُ لِلزِّينَةِ، فَأَشْبَهَ التَّزْوِيقَ. وَحَدِيثُهُمْ لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ النَّقْلِ، وَإِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ. قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.

قَالَ الشَّالَنْجِيُّ: ذَكَرْت هَذَا الْحَدِيثَ لِأَحْمَدَ، فَلَمْ يُقْنِعْهُ، وَذَكَرْته لِإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا حَدِيثًا. وَلَمْ يُصَحِّحْهُ. وَحَدِيثُ عَلِيٍّ فِيهِ مَقَالٌ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْعُرْفِ لَيْسَ بِصَحِيحِ؛ فَإِنَّ الْعَادَةَ جَعْلُ وَجْهِ الْحَائِطِ إلَى خَارِجٍ لِيَرَاهُ النَّاسُ، كَمَا يَلْبَسُ الرَّجُلُ أَحْسَنَ أَثْوَابِهِ، أَعْلَاهَا الظَّاهِرُ لِلنَّاسِ، لِيَرَوْهُ، فَيَتَزَيَّنُ بِهِ، فَلَا دَلِيلَ فِيهِ.

(٣٥٣٧) . فَصْلٌ: وَلَا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِالتَّزْوِيقِ وَالتَّحْسِينِ، وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا لَهُ عَلَى الْآجُرِّ سُتْرَةٌ غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ، وَيُمْكِنُ إحْدَاثُهُ.

[فَصْل تُنَازِع صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ فِي حَوَائِطِ الْبَيْتِ السفلاني]

(٣٥٣٨) فَصْلٌ: وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ، فِي حَوَائِطِ الْبَيْتِ السُّفْلَانِيِّ، فَهِيَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِعُ بِهَا، وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْبَيْتِ، فَكَانَتْ لِصَاحِبِهِ. وَإِنْ تَنَازَعَا حَوَائِطَ الْعُلْوِ، فَهِيَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ؛ لِذَلِكَ. وَإِنْ تَنَازَعَا السَّقْفَ، تَحَالَفَا، وَكَانَ بَيْنَهُمَا. وَبِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ؛ لِأَنَّ السَّقْفَ عَلَى مِلْكِهِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، كَمَا لَوْ تَنَازَعَا سَرْجًا عَلَى دَابَّةِ أَحَدِهِمَا، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِهَا، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ.

وَحُكِيَ عَنْهُ، أَنَّهُ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ؛ لِأَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَيْهِ، وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ السُّكْنَى إلَّا بِهِ. وَلَنَا، أَنَّهُ حَاجِزٌ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا، يَنْتَفِعَانِ بِهِ، غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا اتِّصَالَ الْبُنْيَانِ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا، كَالْحَائِطِ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِ السُّفْلِ. يَبْطُلُ بِحِيطَانِ الْعُلْوِ، وَلَا يُشْبِهُ السَّرْجَ عَلَى الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُ صَاحِبِهَا، وَلَا يُرَادُ إلَّا لَهَا، فَكَانَ فِي يَدِهِ. وَهَذَا السَّقْفُ يَنْتَفِعُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ سَمَاءُ صَاحِبِ السُّفْلِ يُظِلُّهُ، وَأَرْضُ صَاحِبِ الْعُلْوِ تُقِلُّهُ، فَاسْتَوَيَا فِيهِ.

[فَصْلٌ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ فِي الدَّرَجَةِ الَّتِي يَصْعَدُ مِنْهَا]

(٣٥٣٩) فَصْلٌ: وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ فِي الدَّرَجَةِ الَّتِي يَصْعَدُ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَحْتِهَا مِرْفَقٌ لِصَاحِبِ السُّفْلِ، كَسُلَّمِ مُسَمَّرًا، أَوْ دَكَّةٍ، فَهِيَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ الْيَدَ وَالتَّصَرُّفَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهَا مَصْعَدُ صَاحِبِ الْعُلْوِ لَا غَيْرُ. وَالْعَرْصَةُ الَّتِي عَلَيْهَا الدَّرَجَةُ لَهُ أَيْضًا؛ لِانْتِفَاعِهِ بِهَا وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَهَا بُنِيَتْ لِأَجْلِهِ، لِتَكُونَ مَدْرَجًا لِلْعُلْوِ، فَهِيَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ يَدَيْهِمَا عَلَيْهَا، وَلِأَنَّهَا سَقْفٌ لِلسُّفْلَانِيِّ، وَمَوْطِئٌ لِلْفَوْقَانِيِّ، فَهِيَ كَالسَّقْفِ الَّذِي بَيْنَهُمَا. وَإِنْ كَانَ تَحْتِهَا طَاقَ صَغِيرٌ لَمْ تُبْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>