لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَبِيعِ، وَالزِّيَادَةُ فِيهِ نَمَاءٌ مُتَّصِلٌ بِالْمَبِيعِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَمِنَتْ الشَّاةُ. فَإِنْ تَلِفَ الْوَلَدُ، فَهُوَ كَتَعَيُّبِ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ. فَإِنْ قُلْنَا: لَهُ الرَّدُّ. فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، إنْ اخْتَارَ رَدَّ الْأُمِّ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ؛ أَنَّهُ لَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِلْوَلَدِ. وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ دَلَّسَ الْعَيْبَ. وَإِنْ نَقَصَتْ الْأُمُّ بِالْوِلَادَةِ، فَهُوَ عَيْبٌ حَادِثٌ، حُكْمُهُ حُكْمُ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ.
وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا حُكْمَ لَهُ. وَهَذَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِي. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْوَلَدُ حِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي، فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَلَا قِيمَتُهُ إنْ كَانَ تَالِفًا. وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[فَصْلٌ كَانَ الْمَبِيع كَاتِبًا أَوْ صَانِعًا فَنَسِيَ ذَلِكَ عِنْد الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا]
(٣٠٠٧) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ كَاتِبًا أَوْ صَانِعًا، فَنَسِيَ ذَلِكَ عِنْد الْمُشْتَرِي، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا، فَذَلِكَ عَيْبٌ حَادِثٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، حُكْمُهُ حُكْمُ غَيْرِهِ مِنْ الْعُيُوبِ. وَعَنْ أَحْمَدَ، يَرُدُّهُ، وَلَا يَرُدُّ، مَعَهُ شَيْئًا. وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَقْصٍ فِي الْعَيْنِ، وَيُمْكِنُ عَوْدُهُ بِالتَّذَكُّرِ. قَالَ: وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ سَمِينًا فَهَزِلَ. وَالْقِيَاسُ مَا ذَكَرْنَاهُ؛ فَإِنَّ الصِّيَاغَةَ وَالْكِتَابَةَ مُتَقَوِّمَةٌ تَضْمَنُ فِي الْغَصْبِ، وَتَلْزَمُ بِشَرْطِهَا فِي الْبَيْعِ، فَأَشْبَهَتْ الْأَعْيَانَ وَالْمَنَافِعَ، مِنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَالْعَقْلِ، وَإِمْكَانُ الْعَوْدِ مُنْتَقِضٌ بِالسِّنِّ، وَالْبَصَرِ، وَالْحَمْلِ. وَلَعَلَّ مَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَرَادَ بِهِ، إذَا دَلَّسَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ.
[فَصْلٌ تَعَيَّبَ الْمَبِيع فِي يَدِ الْبَائِع بَعْدَ الْعَقْد]
(٣٠٠٨) فَصْلٌ: وَإِذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ ضَمَانِهِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْقَبْضِ. فَأَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَ الْقَبْضِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَيَّامِ، فَمَا أَصَابَهُ فِيهَا فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، إلَّا فِي الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ، فَإِنْ ظَهَرَ إلَى سَنَةٍ ثَبَتَ الْخِيَارُ؛ لِمَا رَوَى الْحَسَنُ، عَنْ عُقْبَةَ «؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ عُهْدَةَ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» . وَأَنَّهُ إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَلِأَنَّ الْحَيَوَانَ يَكُونُ فِيهِ الْعَيْبُ، ثُمَّ يَظْهَرُ.
وَلَنَا، أَنَّهُ ظَهَرَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا، فَلَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْخِيَارُ، كَسَائِرِ الْمَبِيعِ، أَوْ مَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّنَةِ، وَحَدِيثُهُمْ لَا يَثْبُتُ؛ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَثْبُتُ فِي الْعُهْدَةِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَالْحَسَنُ لَمْ يَلْقَ عُقْبَةَ. وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَالدَّاءُ الْكَامِنُ لَا عِبْرَةَ بِهِ، وَإِنَّمَا النَّقْصُ بِمَا ظَهَرَ لَا بِمَا كَمَنَ.
[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبْقَ مِنْ يَده وَأَقَامَ الْبَيِّنَة أَنَّ إبَاقه كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْبَائِع]
(٣٠٠٩) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ دَلَّسَ الْعَيْبَ، فَيَلْزَمُهُ رَدُّ الثَّمَنِ، كَامِلًا. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَبِيعِ) مَعْنَى دَلَّسَ الْعَيْبَ: أَيْ كَتَمَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي، مَعَ عِلْمِهِ بِهِ. أَوْ: غَطَّاهُ عَنْهُ، بِمَا يُوهِمُ الْمُشْتَرِيَ عَدَمَهُ. مُشْتَقٌّ مِنْ الدُّلْسَةِ، وَهِيَ الظُّلْمَةُ. فَكَأَنَّ الْبَائِعَ يَسْتُرُ الْعَيْبَ. وَكِتْمَانُهُ جَعْلُهُ فِي ظُلْمَةٍ، فَخَفِيَ عَنْ الْمُشْتَرِي، فَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute