للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلِأَنَّ أَخْذَ الْعَدُوِّ لَهُ تَلَفٌ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ الْبَائِعُ، كَسَائِرِ أَنْوَاعِ التَّلَفِ، وَلِأَنَّ نَمَاءَهُ لِلْمُشْتَرِي، فَكَانَ ضَمَانُهُ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» .

(٧٥٧٠) فَصْلٌ: وَإِذَا قُسِمَتْ الْغَنَائِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، جَازَ لِمَنْ أَخَذَ سَهْمَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ. فَإِنْ بَاعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا شَيْئًا مِنْهَا، فَغَلَبَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ، فَفِي ضَمَانِ الْبَائِعِ لَهُ وَجْهَانِ؛ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.

وَإِنْ اشْتَرَاهُ مُشْتَرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَكَذَلِكَ، فَإِذَا قُلْنَا: هُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ. رَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، بِمَا رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ.

(٧٥٧١) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ، فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ مِنْ الْمَغْنَمِ، مَعَهَا الْحُلِيُّ فِي عُنُقِهَا وَالثِّيَابُ: يَرُدُّ ذَلِكَ فِي الْمَغْنَمِ، إلَّا شَيْئًا تَلْبَسُهُ، مِنْ قَمِيصٍ وَمِقْنَعَةٍ وَإِزَارٍ. وَهَذَا قَوْلُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَمَكْحُولٍ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، وَالْمُتَوَكِّلِ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَيُشْبِهُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ.

وَاحْتَجَّ إِسْحَاقُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ» . وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: يَجْعَلُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَكَانَ مَالِكٌ يُرَخِّصُ فِي الْيَسِيرِ، كَالْقُرْطَيْنِ وَأَشْبَاهِهِمَا، وَلَا يَرَى ذَلِكَ فِي الْكَثِيرِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَصَّلَ الْقَوْلُ فِي هَذَا، فَيُقَالُ: مَا كَانَ عَلَيْهَا ظَاهِرًا مَرْئِيًّا، يُشَاهِدُهُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي، كَالْقُرْطِ وَالْخَاتَمِ وَالْقِلَادَةِ، فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا بَاعَهَا بِمَا عَلَيْهَا، وَالْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهَا بِذَلِكَ، فَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ، كَثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ، وَمَا خَفِيَ فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ، رَدَّهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَيْهَا بِدُونِهِ، فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ، كَجَارِيَةٍ أُخْرَى. (٧٥٧٢) .

فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَجُوزُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ مَغْنَمِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ يُحَابَى، وَلِأَنَّ عُمَرَ رَدَّ مَا اشْتَرَاهُ ابْنُهُ فِي غَزْوَةِ جَلُولَاءَ، وَقَالَ: إنَّهُ يُحَابَى. احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ. وَلِأَنَّهُ هُوَ الْبَائِعُ أَوْ وَكِيلُهُ، فَكَأَنَّهُ يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِ نَفْسِهِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إذَا قَوَّمَ أَصْحَابُ الْمَغَانِمِ شَيْئًا مَعْرُوفًا، فَقَالُوا فِي جُلُودِ الْمَاعِزِ بِكَذَا. وَالْخِرْفَانِ بِكَذَا. يَحْتَاجُ إلَيْهِ، يَأْخُذُهُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ، وَلَا يَأْتِي الْمَغَانِمَ؟ فَرَخَّصَ فِيهِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَشُقُّ الِاسْتِئْذَانُ فِيهِ، فَسُومِحَ فِيهِ، كَمَا سُومِحَ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ، وَرُكُوبِ سَفِينَةِ الْمَلَّاحِ، مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ أُجْرَةٍ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوز تَحْرِيق الْعَدُوّ بِالنَّارِ فِي الْحَرْب]

مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا حُورِبَ الْعَدُوُّ، لَمْ يُحَرَّقُوا بِالنَّارِ) أَمَّا الْعَدُوُّ إذَا قُدِرَ عَلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ تَحْرِيقُهُ بِالنَّارِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَأْمُرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>