[مَسْأَلَة قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَهِيَ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ]
(٥٨٢٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ. وَهِيَ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يُصِيبَهَا أَوْ تَحِيضَ) . هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَكْسُ تِلْكَ؛ فَإِنَّهُ وَصَفَ الطَّلْقَةَ بِأَنَّهَا لِلْبِدْعَةِ، إنْ قَالَ ذَلِكَ لَحَائِضٍ أَوْ طَاهِرٍ مُجَامَعَةٍ فِيهِ، وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّلْقَةَ بِصِفَتِهَا. وَإِنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ، فَإِذَا حَاضَتْ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْحَيْضِ، وَإِنْ أَصَابَهَا طَلُقَتْ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، فَإِنْ نَزَعَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَوْلَجَ بَعْدَ النَّزْعِ، فَقَدْ وَطِئَ مُطَلَّقَتَهُ، وَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِ ذَلِكَ. وَإِنْ أَصَابَهَا، وَاسْتَدَامَ ذَلِكَ، فَسَنَذْكُرُهَا أَيْضًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا بَعْدُ.
[فَصْلٌ قَالَ لِطَاهِرِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ فِي الْحَالِ]
(٥٨٢٥) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ لَطَاهِرٍ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ فِي الْحَالِ. فَقَدْ قِيلَ: إنَّ الصِّفَةَ تَلْغُو، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِمَا لَا تَتَّصِفُ بِهِ، فَلَغَتْ الصِّفَةُ دُونَ الطَّلَاقِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ فِي الْحَالِ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ طَلَاقُ بِدْعَةٍ، فَانْصَرَفَ الْوَصْفُ بِالْبِدْعَةِ إلَيْهِ، لِتَعَذُّرِ صِفَةِ الْبِدْعَةِ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى. وَإِنْ قَالَ لِحَائِضٍ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فِي الْحَالِ، لَغَتْ الصِّفَةُ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّلْقَةَ بِمَا لَا تَتَّصِفُ بِهِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ، وَثَلَاثًا لِلْبِدْعَةِ. طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي الْحَالِ، بِنَاءً عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ.
[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ]
(٥٨٢٦) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ. فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا إنْ كَانَتْ طَاهِرًا طُهْرًا غَيْرَ مُجَامَعَةٍ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا، طَلُقَتْ ثَلَاثًا إذَا طَهُرَتْ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ: هَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا: إنَّ جَمْعَ الثَّلَاثِ يَكُونُ سُنَّةً، فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، فَإِذَا طَهُرَتْ طَلُقَتْ وَاحِدَةً، وَتَطْلُقُ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي نِكَاحَيْنِ آخَرَيْنِ، أَوْ بَعْدَ رَجْعَتَيْنِ. وَقَدْ أَنْكَرَ أَحْمَدُ هَذَا، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ. قَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَقَعُ عَلَيْهَا السَّاعَةَ وَاحِدَةٌ، فَلَوْ رَاجَعَهَا تَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى، وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى أُخْرَى. وَمَا يُعْجِبُنِي قَوْلُهُمْ هَذَا.
فَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَحْمَدَ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ سُنَّةٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَوْقَعَهَا لِوَصْفِهِ الثَّلَاثَ بِمَا لَا تَتَّصِفُ بِهِ فَأَلْغَى الصِّفَةَ، وَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ، كَمَا لَوْ قَالَ لِحَائِضٍ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْحَالِ لِلسُّنَّةِ. وَقَدْ قَالَ، فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ، مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا، قَالَ: يَقَعُ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ: لِلسُّنَّةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقَعُ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَات الْأَشْهُرِ وَقَعَ فِي كُلِّ شَهْرٍ طَلْقَةٌ. وَبَنَاهُ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ السُّنَّةَ تَفْرِيقُ الثَّلَاثِ عَلَى الْأَطْهَارِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ جَمْعِ الثَّلَاثِ. إنْ قَالَ: أَرَدْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute