[فَصْل اُضْطُرَّ الْمُحْرِمُ فَوَجَدَ صَيْدًا وَمَيْتَةً]
(٢٣٥٠) فَصْلٌ: إذَا اُضْطُرَّ الْمُحْرِمُ، فَوَجَدَ صَيْدًا وَمَيْتَةً، أَكَلَ الْمَيْتَةَ. وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: يَأْكُلُ الصَّيْدَ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا ذُبِحَ الصَّيْدُ كَانَ مَيْتَةً، فَيُسَاوِي الْمَيْتَةَ فِي التَّحْرِيمِ، وَيَمْتَازُ بِإِيجَابِ الْجَزَاءِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْإِحْرَامِ، فَلِذَلِكَ كَانَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ أَوْلَى، إلَّا أَنْ لَا تَطِيبَ نَفْسُهُ بِأَكْلِهَا، فَيَأْكُلَ الصَّيْدَ، كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ.
[مَسْأَلَة الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ الطِّيبِ]
(٢٣٥١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يَتَطَيَّبُ الْمُحْرِمُ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ الطِّيبِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ: «لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي لَفْظٍ: (لَا تُحَنِّطُوهُ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَلَمَّا مُنِعَ الْمَيِّتُ مِنْ الطِّيبِ لِإِحْرَامِهِ، فَالْحَيُّ أَوْلَى. وَمَتَى تَطَيَّبَ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ مَا حَرَّمَهُ الْإِحْرَامُ، فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، كَاللِّبَاسِ. وَمَعْنَى الطِّيبِ: مَا تَطِيبُ رَائِحَتُهُ، وَيُتَّخَذُ لِلشَّمِّ، كَالْمِسْكِ، وَالْعَنْبَرِ، وَالْكَافُورِ، وَالْغَالِيَةِ، وَالزَّعْفَرَانِ، وَمَاءِ الْوَرْدِ، وَالْأَدْهَانِ الْمُطَيِّبَةِ، كَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ وَنَحْوِهِ.
(٢٣٥٢) فَصْلٌ: وَالنَّبَاتُ الَّذِي تُسْتَطَابُ رَائِحَتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا، مَا لَا يَنْبُتُ لِلطِّيبِ، وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ، كَنَبَاتِ الصَّحْرَاءِ، مِنْ الشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ وَالْخَزَامَى، وَالْفَوَاكِهِ كُلِّهَا مِنْ الْأُتْرُجِّ وَالتُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ وَغَيْرِهِ، وَمَا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ لِغَيْرِ قَصْدِ الطِّيبِ، كَالْحِنَّاءِ وَالْعُصْفُرِ، فَمُبَاحٌ شَمُّهُ، وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَشَمَّ شَيْئًا مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، مِنْ الشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ وَغَيْرِهِمَا. وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، فَإِنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلطِّيبِ، وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ، أَشْبَهَ سَائِرَ نَبَاتِ الْأَرْضِ. قَدْ رُوِيَ «أَنَّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُنَّ يُحْرِمْنَ فِي الْمُعَصْفَرَاتِ» . الثَّانِي، مَا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ لِلطِّيبِ، وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ، كَالرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ، وَالْمَرْزَجُوشِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute