للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا كَانَتْ هِيَ الْحَاضِنَةَ لَهُ، أَوْ الْمُرْضِعَةَ لَهُ، وَكَذَلِكَ أَجْرُ رَضَاعِهَا، يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ أَجْرٌ مَلَكَتْهُ عَلَيْهِ بِالْإِرْضَاعِ، لَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ، فَلَا يَزُولُ بِزَوَالِهِ.

[فَصْلٌ سَقَطَتْ نَفَقَةُ الْمَرْأَةِ بِنُشُوزِهَا فَعَادَتْ عَنْ النُّشُوزِ وَالزَّوْجُ حَاضِرٌ]

(٦٥٣٤) فَصْلٌ: وَإِذَا سَقَطَتْ نَفَقَةُ الْمَرْأَةِ بِنُشُوزِهَا، فَعَادَتْ عَنْ النُّشُوزِ وَالزَّوْجُ حَاضِرٌ، عَادَتْ نَفَقَتُهَا؛ لِزَوَالِ الْمُسْقِطِ لَهَا، وَوُجُودِ التَّمْكِينِ الْمُقْتَضِي لَهَا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، لَمْ تَعُدْ نَفَقَتُهَا حَتَّى يَعُودَ التَّسْلِيمُ بِحُضُورِهِ، أَوْ حُضُورِ وَكِيلِهِ، أَوْ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْوُجُوبِ إذَا مَضَى زَمَنُ الْإِمْكَانِ وَلَوْ ارْتَدَّتْ امْرَأَتُهُ، سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا، فَإِنْ عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ، عَادَتْ نَفَقَتُهَا بِمُجَرَّدِ عَوْدِهَا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّةَ إنَّمَا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا بِخُرُوجِهَا عَنْ الْإِسْلَامِ، فَإِذَا عَادَتْ إلَيْهِ، زَالَ الْمَعْنَى الْمُسْقِطُ، فَعَادَتْ النَّفَقَةُ، وَفِي النُّشُوزِ، سَقَطَتْ النَّفَقَةُ بِخُرُوجِهَا عَنْ يَدِهِ، أَوْ مَنْعِهَا لَهُ مِنْ التَّمْكِينِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهَا، وَلَا يَزُولُ ذَلِكَ إلَّا بِعَوْدِهَا إلَى يَدِهِ، وَتَمْكِينِهِ مِنْهَا، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فِي غَيْبَتِهِ، وَلِذَلِكَ لَوْ بَذَلَتْ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا فِي حَالِ غَيْبَتِهِ، لَمْ تَسْتَحِقَّ النَّفَقَةَ بِمُجَرَّدِ الْبَذْلِ، كَذَا هَاهُنَا، وَاَللَّه أَعْلَمُ.

[بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِكَفَالَةِ الطِّفْلِ]

ِ كَفَالَةُ الطِّفْلِ وَحَضَانَتُهُ وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَهْلِكُ بِتَرْكِهِ، فَيَجِبُ حِفْظُهُ عَنْ الْهَلَاكِ، كَمَا يَجِبُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ، وَإِنْجَاؤُهُ مِنْ الْمَهَالِكِ وَيَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ لِقَرَابَتِهِ، لِأَنَّ فِيهَا وِلَايَةً عَلَى الطِّفْلِ وَاسْتِصْحَابًا لَهُ، فَتَعَلَّقَ بِهَا الْحَقُّ، كَكَفَالَةِ اللَّقِيطِ وَلَا تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ لَطِفْلٍ، وَلَا مَعْتُوهٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى مَنْ يَكْفُلُهُ، فَكَيْفَ يَكْفُلُ غَيْرَهُ، وَلَا فَاسِقٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ مِنْ الْحَضَانَةِ، وَلَا حَظَّ لِلْوَلَدِ فِي حَضَانَتِهِ، لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَلَى طَرِيقَتِهِ، وَلَا الرَّقِيقِ وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

وَقَالَ مَالِكٌ، فِي حُرٍّ لَهُ وَلَدٌ حُرٌّ مِنْ أَمَةٍ: الْأُمُّ أَحَقُّ بِهِ، إلَّا أَنْ تُبَاعَ فَتُنْقَلَ، فَيَكُونَ الْأَبُ أَحَقَّ بِهِ؛ لِأَنَّهَا أُمٌّ مُشْفِقَةٌ، فَأَشْبَهْت الْحُرَّةَ وَلَنَا، أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ مَنَافِعَهَا الَّتِي تَحْصُلُ الْكَفَالَةُ بِهَا، لِكَوْنِهَا مَمْلُوكَةً لِسَيِّدِهَا، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا حَضَانَةٌ، كَمَا لَوْ بِيعَتْ وَنُقِلَتْ وَلَا تَثْبُتُ لَكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَسَوَّارٌ، وَالْعَنْبَرِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ تَثْبُتُ لَهُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ، «أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَبَتِ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>