للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لَا يَجُوزُ. وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَقْضِي إلَى اشْتِغَالِهِمْ بِالنَّهْبِ عَنْ الْقِتَالِ، وَظَفَرِ الْعَدُوِّ بِهِمْ، فَلَا يَجُوزُ، وَلِأَنَّ الِاغْتِنَامَ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ لَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّسَاوِي، فَلَا يَزُولُ ذَلِكَ بُقُولِ الْإِمَامِ، كَسَائِرِ الِاكْتِسَابِ.

وَأَمَّا قَضِيَّةُ بَدْرٍ، فَإِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: ١]

[مَسْأَلَةٌ الْغَنِيمَةُ لِمَنْ حَضَرَ الْمَوْقِعَةَ]

(٧٥٢١) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِذَا أُحْرِزَتْ الْغَنِيمَةُ، لَمْ يَكُنْ فِيهَا لِمَنْ جَاءَهُمْ مَدَدًا، أَوْ هَرَبَ مِنْ أَسْرٍ حَظٌّ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ حَضَرَ الْمَوْقِعَةَ، فَمَنْ تَجَدَّدَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ مَدَدٍ يَلْحَقُ بِالْمُسْلِمِينَ، أَوْ أَسْرٍ يَنْفَلِتُ مِنْ الْكُفَّارِ، فَيَلْحَقُ بِجَيْشِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ كَافِرٍ يُسْلِمُ، فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِيهَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَدَدِ: إنْ لَحِقَهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ إحْرَازِهَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ، شَارَكَهُمْ؛ لِأَنَّ تَمَامَ مِلْكِهَا بِتَمَامِ الِاسْتِيلَاءِ، وَهُوَ الْإِحْرَازُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ قِسْمَتُهَا، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَدْرَكَهَا قَبْلَ مِلْكِهَا، فَاسْتَحَلَّ مِنْهَا، كَمَا لَوْ جَاءَ فِي أَثْنَاءِ الْحَرْبِ.

وَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْ الْعَسْكَرِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ رَوَى الشَّعْبِيُّ، أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَ إلَى سَعْدٍ، أَسْهِمْ لِمَنْ أَتَاك قَبْلَ أَنْ تَتَفَقَّأَ قَتْلَى فَارِسَ، وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، «أَنَّ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَأَصْحَابَهُ، قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ، بَعْدَ أَنْ فَتَحَهَا، فَقَالَ أَبَانُ: اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اجْلِسْ يَا أَبَانُ. وَلَمْ يَقْسِمْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ غَزَوْا نَهَاوَنْدَ، فَأَمَدَّهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَكُتِبَ فِي ذَلِكَ إلَى عُمَرَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَتَبَ عُمَرُ: إنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، فِي " سُنَنِهِ ". وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عُثْمَانَ فِي غَزْوَةِ أَرْمِينِيَةَ، وَلِأَنَّهُ مَدَدٌ لَحِقَ بَعْدَ تَقَضِّي الْحَرْبِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ جَاءَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، أَوْ بَعْدَ إحْرَازِهَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ، وَلِأَنَّ سَبَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>