للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَأْثِيرٌ فِي تَقْلِيلِ النَّمَاءِ، فَأَثَّرَتْ فِي تَقْلِيلِ الْوَاجِبِ فِيهَا، وَلَا يُؤَثِّرُ حَفْرُ الْأَنْهَارِ وَالسَّوَاقِي فِي نُقْصَانِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَقِلُّ، لِأَنَّهَا تَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ إحْيَاءِ الْأَرْضِ وَلَا تَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ.

وَكَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ احْتِيَاجُهَا إلَى سَاقٍ يَسْقِيهَا، وَيُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي نَوَاحِيهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلِّ سَقْيٍ بِكُلْفَةٍ، فَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى الْمُؤْنَةِ فِي التَّنْقِيصِ، يَجْرِي مَجْرَى حَرْثِ الْأَرْضِ وَتَحْسِينَهَا. وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَجْرِي مِنْ النَّهْرِ فِي سَاقِيَةٍ إلَى الْأَرْضِ، وَيَسْتَقِرُّ فِي مَكَان قَرِيبٍ مِنْ وَجْهِهَا، لَا يَصْعَدُ إلَّا بِغَرْفٍ أَوْ دُولَابٍ، فَهُوَ مِنْ الْكُلْفَةِ الْمُسْقِطَةِ لِنِصْفِ الزَّكَاةِ، عَلَى مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْكُلْفَةِ وَقُرْبَ الْمَاءِ وَبُعْدَهُ لَا يُعْتَبَرُ، وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ هُوَ أَنْ يَحْتَاجَ فِي تَرْقِيَةِ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ بِآلَةٍ مِنْ غَرْفٍ أَوْ نَضْحٍ أَوْ دَالِيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ وَقَدْ وُجِدَ. اهـ.

[فَصْلُ النِّصَاب فِي مَا سُقِيَ نِصْفَ السَّنَةِ بِكُلْفَةِ وَنِصْفَهَا بِغَيْرِ كُلْفَةٍ]

(١٨٣٣) فَصْلٌ: فَإِنْ سُقِيَ نِصْفَ السَّنَةِ بِكُلْفَةٍ، وَنِصْفَهَا بِغَيْرِ كُلْفَةٍ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوْ وُجِدَ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ لَأَوْجَبَ مُقْتَضَاهُ، فَإِذَا وُجِدَ فِي نِصْفِهَا أَوْجَبَ نِصْفَهُ، وَإِنْ سُقِيَ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا، فَوَجَبَ مُقْتَضَاهُ، وَسَقَطَ حُكْمُ الْآخَرِ.

نَصَّ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُؤْخَذُ بِالْقِسْطِ. وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا نِصْفَيْنِ أَخَذَ بِالْحِصَّةِ، فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ، كَمَا لَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ نَوْعَيْنِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ اعْتِبَارَ مِقْدَارِ السَّقْيِ وَعَدَدِ مَرَّاتِهِ وَقَدْرِ مَا يُشْرَبُ فِي كُلِّ سَقْيَةٍ يَشُقُّ وَيَتَعَذَّرُ، فَكَانَ الْحُكْمُ لِلْأَغْلَبِ مِنْهُمَا كَالسَّوْمِ فِي الْمَاشِيَةِ. وَإِنْ جُهِلَ الْمِقْدَارُ، غَلَّبْنَا إيجَابَ الْعُشْرِ احْتِيَاطًا.

نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْعُشْرِ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ بِوُجُودِ الْكُلْفَةِ، فَمَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُسْقِطُ يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْكُلْفَةِ فِي الْأَكْثَرِ، فَلَا يَثْبُتُ وُجُودُهَا مَعَ الشَّكِّ فِيهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّاعِي وَرَبُّ الْمَالِ، فِي أَيِّهِمَا سُقِيَ بِهِ أَكْثَرَ، فَالْقَوْلُ، قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، فَإِنَّ النَّاسَ لَا يُسْتَحْلَفُونَ عَلَى صَدَقَاتِهِمْ. اهـ.

[فَصْلُ لِرَجُلٍ حَائِطَانِ سَقَى أَحَدَهُمَا بِمُؤْنَةِ وَالْآخَرَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ]

(١٨٣٤) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ حَائِطَانِ، سَقَى أَحَدَهُمَا بِمُؤْنَةٍ، وَالْآخَرَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ، ضَمَّ غَلَّةَ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ أَوْ أَخْرَجَ مِنْ الَّذِي سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ عُشْرَهُ، وَمِنْ الْآخَرِ نِصْفَ عُشْرِهِ، كَمَا يَضُمُّ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ إلَى الْآخَرِ، وَيُخْرِجُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا وَجَبَ فِيهِ.

[مَسْأَلَةُ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ]

(١٨٣٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا، وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْعِرَاقِيِّ) أَمَّا كَوْنُ الْوَسْقِ سِتِّينَ صَاعًا، فَلَا خِلَافَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ هُوَ قَوْلُ كُلِّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>