للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] . أَيْ: يَنْقَطِعَ دَمُهُنَّ، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] . أَيْ: اغْتَسَلْنَ. وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهَا أَحْكَامُ الطَّاهِرَاتِ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَصِحَّةِ الطَّهَارَةِ وَالصِّيَامِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ بَعْضُ الْأَحْكَامِ مَوْقُوفًا عَلَى وُجُودِ الْغُسْلِ، وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَائِضًا فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ طَاهِرًا؛ لِأَنَّهُمَا ضِدَّانِ عَلَى التَّعْيِينِ، فَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا وُجُودُ الْآخِرِ.

[فَصْلٌ قَالَ لَهَا إذَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحَاضَتْ حَيْضَةً]

(٥٩٦٠) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ لَهَا: إذَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِذَا حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَحَاضَتْ حَيْضَةً، طَلُقَتْ وَاحِدَةً، فَإِذَا حَاضَتْ الثَّانِيَةَ، طَلُقَتْ الثَّانِيَةَ عِنْدَ طُهْرِهَا مِنْهَا. وَإِنْ قَالَ إذَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ إذَا حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. لَمْ تَطْلُق الثَّانِيَةَ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ، فَتَقْتَضِي حَيْضَتَيْنِ بَعْدَ الطَّلْقَةِ الْأُولَى، لِكَوْنِهِمَا مُرَتَّبَتَيْنِ عَلَيْهَا.

[فَصْلٌ قَالَ إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ]

(٥٩٦١) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ إذَا ذَهَبَ نِصْفُ الْحَيْضَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا حَاضَتْ نِصْفَ عَادَتِهَا، لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَعَلَّقَتْ بِالْعَادَةِ، فَيَتَعَلَّقُ بِهَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حَتَّى يَمْضِيَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّنَا لَا نَتَيَقَّنُ مُضِيَّ نِصْفِ الْحَيْضَةِ إلَّا بِذَلِكَ، إلَّا أَنْ تَطْهُرَ لِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَمَتَى طَهُرَتْ تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي نِصْفِ الْحَيْضَةِ. وَقِيلَ: يَلْغُو قَوْلُهُ: نِصْفِ حَيْضَةٍ. وَيَبْقَى طَلَاقُهَا مُعَلَّقًا بِوُجُودِ الْحَيْضِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ فَإِنَّ الْحَيْضَ لَهُ مُدَّةٌ، أَقَلُّهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَلَهُ نِصْفٌ حَقِيقَةً، وَالْجَهْلُ بِقَدْرِ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ وُجُودَهُ، وَتَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِهِ، كَالْحَمْلِ.

[فَصْلٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ إذَا حِضْتُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ]

(٥٩٦٢) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إذَا حِضْتُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً، فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ. لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى تَحِيضَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: إنْ حَاضَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً، فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ. كَقَوْلِ اللَّه تَعَالَى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] . أَيْ: اجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَمَانِينَ وَيَحْتَمِل أَنْ يَتَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِحَيْضِ إحْدَاهُمَا حَيْضَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ وُجُودُ الْفِعْلِ مِنْهُمَا، وَجَبَتْ إضَافَته إلَى إحْدَاهُمَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: ٢٢] . وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِهِمَا. وَقَالَ الْقَاضِي: يَلْغُو قَوْلُهُ: حَيْضَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>