بِأَزْوَاجٍ. فَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَضَعِيفٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: ضَعَّفَ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ: لَا يَصِحُّ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْجَبُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ سُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا؟ وَقَالَ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ إنَّمَا هِيَ عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا هَذِهِ أَمَةٌ خَرَجَتْ مِنْ الرِّقِّ إلَى الْحُرِّيَّةِ.
وَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِهَذَا أَنْ يُوَرِّثَهَا. وَلَيْسَ لِقَوْلِ: تَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ وَجْهٌ، وَإِنَّمَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الْمُطَلَّقَةُ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ مُطَلَّقَةً، وَلَا فِي مَعْنَى الْمُطَلَّقَةِ. وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ إيَّاهَا عَلَى الزَّوْجَاتِ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ زَوْجَةً، وَلَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ، وَلَا مُطَلَّقَةً، وَلَا فِي حُكْمِ الْمُطَلَّقَةِ.
[فَصْلٌ مَا يَكْفِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْحَمْلِ]
(٦٣٦٥) فَصْلٌ: وَلَا يَكْفِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ طُهْرٌ وَاحِدٌ، وَلَا بَعْضُ حَيْضَةٍ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: مَتَى طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ، فَقَدْ تَمَّ اسْتِبْرَاؤُهَا. وَزَعَمَ أَنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: يَكْفِي طُهْرٌ وَاحِدٌ إذَا كَانَ كَامِلًا، وَهُوَ أَنْ يَمُوتَ فِي حَيْضِهَا، فَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ، حَلَّتْ، وَتَمَّ اسْتِبْرَاؤُهَا. وَهَكَذَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ كُلِّهِ، وَبَنَوْا هَذَا عَلَى أَنَّ الْقُرُوءَ الْأَطْهَارُ، وَهَذَا يَرُدُّهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ» . وَقَالَ رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَطَأْ جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَهَذَا صَرِيحٌ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا خَالَفَهُ.
وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ اسْتِبْرَاءٌ، وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ هُوَ الْحَيْضُ، فَإِنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ. فَأَمَّا الطُّهْرُ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْبَرَاءَةِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَوَّلَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى مَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَيْهِ، دُونَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَبِنَاؤُهُمْ قَوْلَهُمْ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمْ: إنَّ الْقُرُوءَ الْأَطْهَارُ. بِنَاءٌ لِلْخِلَافِ عَلَى الْخِلَافِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ، ثُمَّ لَمْ يُمْكِنْهُمْ بِنَاءُ هَذَا عَلَى ذَاكَ حَتَّى خَالَفُوهُ، فَجَعَلُوا الطُّهْرَ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ قُرْءًا، وَلَمْ يَجْعَلُوا الطُّهْرَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ قُرْءًا، وَخَالَفُوا الْحَدِيثَ وَالْمَعْنَى. فَإِنْ قَالُوا: إنَّ بَعْضَ الْحَيْضَةِ الْمُقْتَرِنَ بِالطُّهْرِ يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ. قُلْنَا: فَيَكُونُ الِاعْتِمَادُ حِينَئِذٍ عَلَى بَعْضِ الْحَيْضَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ قُرْءًا عِنْدَ أَحَدٍ.
فَإِذَا تُقَرَّرَ هَذَا، فَإِنْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ طَاهِرٌ، فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute