لِلْمَعِيبِ يَظُنُّهُ صَحِيحًا.
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جَهْلِهِ لِذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ، لِكَوْنِهِ عَامِّيًّا، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَجْهَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَجْهَلُهُ.
[فَصْلٌ بَاعَهُ أَرْضًا بِحُقُوقِهَا]
(٢٨٩٠) فَصْلٌ: إذَا بَاعَهُ أَرْضًا بِحُقُوقِهَا، دَخَلَ مَا فِيهَا مِنْ غِرَاسٍ وَبِنَاءٍ فِي الْبَيْعِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: رَهَنْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ بِحُقُوقِهَا. دَخَلَ فِي الرَّهْنِ غِرَاسُهَا وَبِنَاؤُهَا. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: بِحُقُوقِهَا. فَهَلْ يَدْخُلُ الْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ فِيهِمَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: فِيهِمَا جَمِيعًا قَوْلَانِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِكَوْنِ الْبَيْعِ أَقْوَى، فَيَسْتَتْبِعُ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهُمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ مَا تَبِعَ فِي الْبَيْعِ تَبِعَ فِي الرَّهْنِ، كَالطُّرُقِ وَالْمَنَافِعِ، وَفِيهِمَا جَمِيعًا وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ، وَلِذَلِكَ يَدْخُلَانِ إذَا قَالَ: بِحُقُوقِهَا. وَمَا كَانَ مِنْ حُقُوقِهَا يَدْخُلُ فِيهَا بِالْإِطْلَاقِ، كَطُرُقِهَا وَمَنَافِعِهَا. وَالثَّانِي، لَا يَدْخُلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ، فَلَا يَدْخُلَانِ فِي بَيْعِهَا وَرَهْنِهَا، كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ. وَمَنْ نَصَرَ الْأَوَّلَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ بِكَوْنِ الثَّمَرَةِ تُرَادُ لِلنَّقْلِ، وَلَيْسَتْ مِنْ حُقُوقِهَا، بِخِلَافِ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ. فَإِنْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الْبُسْتَانَ. دَخَلَ فِيهِ الشَّجَرُ؛ لِأَنَّ الْبُسْتَانَ اسْمٌ لِلْأَرْضِ، وَالشَّجَرِ، وَالْحَائِطِ؛ وَلِذَلِكَ لَا تُسَمَّى الْأَرْضُ الْمَكْشُوفَةُ بُسْتَانًا. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيَدْخُلُ فِيهِ الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّ مَا دَخَلَ فِيهِ الشَّجَرُ دَخَلَ فِيهِ الْبِنَاءُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَدْخُلَ.
[فَصْلٌ بَاعَهُ شَجَرًا لَمْ تَدْخُلْ الْأَرْضُ فِي الْبَيْعِ]
(٢٨٩١) فَصْلٌ: وَإِنْ بَاعَهُ شَجَرًا، لَمْ تَدْخُلْ الْأَرْضُ فِي الْبَيْعِ. ذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَتَنَاوَلُهَا، وَلَا هِيَ تَبَعٌ لِلْمَبِيعِ.
[فَصْلٌ إنْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَرْيَة فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ قَرِينَةٍ]
(٢٨٩٢) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الْقَرْيَةَ. فَإِنْ كَانَتْ فِي اللَّفْظِ قَرِينَةٌ، مِثْلُ الْمُسَاوَمَةِ عَلَى أَرْضِهَا، أَوْ ذِكْرِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ فِيهَا، وَذِكْرِ حُدُودِهَا، أَوْ بَذْلِ ثَمَنٍ لَا يَصْلُحُ إلَّا فِيهَا وَفِي أَرْضِهَا، دَخَلَ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهَا مَعَ أَرْضِهَا، وَالْقَرِينَةُ صَارِفَةٌ إلَيْهِ وَدَالَّةٌ عَلَيْهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ إلَى ذَلِكَ، فَالْبَيْعُ يَتَنَاوَلُ الْبُيُوتَ، وَالْحِصْنَ الدَّائِرَ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الْقَرْيَةَ اسْمٌ لِذَلِكَ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ النَّاسَ، وَسَوَاءٌ قَالَ: بِحُقُوقِهَا. أَوْ لَمْ يَقُلْ.
وَأَمَّا الْغِرَاسُ بَيْنَ بُنْيَانِهَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ، إنْ قَالَ: بِحُقُوقِهَا. دَخَلَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
[فَصْلٌ بَاعَهُ دَارًا بِحُقُوقِهَا]
(٢٨٩٣) فَصْلٌ: وَإِنْ بَاعَهُ دَارًا بِحُقُوقِهَا، تَنَاوَلَ الْبَيْعُ أَرْضَهَا، وَبِنَاءَهَا، وَمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا، مِمَّا هُوَ مِنْ مَصْلَحَتِهَا، كَالْأَبْوَابِ الْمَنْصُوبَةِ، وَالْخَوَابِي الْمَدْفُونَةِ، وَالرُّفُوفِ الْمُسَمَّرَةِ، وَالْأَوْتَادِ الْمَغْرُوزَةِ، وَالْحَجَرِ الْمَنْصُوبِ مِنْ الرَّحَا، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ. وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مَا لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهَا، كَالْكَنْزِ، وَالْأَحْجَارِ