[فَصْلٌ يَجُوزُ أَخْذُ النَّاقِصَةِ بِالْكَامِلَةِ الْقِصَاصُ]
(٦٧٤٠) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ أَخْذُ النَّاقِصَةِ بِالْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّهَا دُونَ حَقِّهِ. وَهَلْ لَهُ أَخْذُ دِيَةٍ لِأَصَابِعِ النَّاقِصَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: لَهُ ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ. وَالثَّانِي، لَيْسَ لَهُ مَعَ الْقِصَاصِ أَرْشٌ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى الْجَمْعِ بَيْن قِصَاصٍ وَدِيَةٍ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ قَوْلِهِ سُقُوطُ الْقِصَاصِ، كَقَوْلِهِ فِي مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ نِصْفِ الذِّرَاعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَصُّ مِنْ مَوْضِعِ الْجِنَايَةِ، وَيَضَعُ الْحَدِيدَةَ فِي مَوْضِعٍ وَضَعَهَا الْجَانِي، فَمَلَكَ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَوْقَ الْمُوضِحَةِ، أَوْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرَ، أَوْ أَخَذَ الشَّلَّاءَ بِالصَّحِيحَةِ. وَيُفَارِقُ الْقَاطِعَ مِنْ نِصْفِ الذِّرَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْقِصَاصُ مِنْ مَوْضِعِ الْجِنَايَةِ. هَكَذَا حَكَاهُ الشَّرِيفُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ.
[فَصْلٌ كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَامِلَتَيْنِ وَفِي يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إصْبَعٌ زَائِدَةٌ]
(٦٧٤١) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَامِلَتَيْنِ، [وَ] فِي يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إصْبَعٌ زَائِدَةٌ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ، لَا عِبْرَةَ بِالزَّائِدَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْخَرَاجِ وَالسِّلْعَةِ. وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ، لَهُ قَطْعُ يَدِ الْجَانِي. وَهَلْ لَهُ حُكُومَةٌ فِي الزَّائِدَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.، وَإِنْ قَطَعَ مَنْ لَهُ خَمْسُ أَصَابِعَ أَصْلِيَّةٍ، كَفَّ مَنْ لَهُ أَرْبَعُ أَصَابِعَ أَصْلِيَّةٍ وَإِصْبَعٌ زَائِدَةٌ، أَوْ قَطَعَ مَنْ لَهُ أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَإِصْبَعٌ زَائِدَةٌ، كَفَّ مَنْ لَهُ خَمْسُ أَصَابِعَ أَصْلِيَّةٍ، فَلَا قِصَاصَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْأَصْلِيَّةَ لَا تُؤْخَذُ بِالزَّائِدَةِ. وَلَهُ الْقِصَاصُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، فِي قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَةَ لَا عِبْرَةَ بِهَا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ لَمْ تَكُنْ الزَّائِدَةُ فِي مَحَلِّ الْأَصْلِيَّةِ، فَلَا قِصَاصَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِصْبَعَيْنِ مُخْتَلِفَانِ. وَإِنْ كَانَتْ فِي مَحَلِّ الْأَصْلِيَّةِ، فَقَالَ الْقَاضِي: يَجْرِي الْقِصَاصُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَلَا شَيْءَ لَهُ لِنَقْصِ الزَّائِدَةِ. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّهَا مَتَى كَانَتْ فِي مَحَلِّ الْأَصْلِيَّةِ، كَانَتْ أَصْلِيَّةً، لِأَنَّ الزَّائِدَةَ هِيَ الَّتِي زَادَتْ عَنْ عَدَدِ الْأَصَابِع، أَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْأَصَابِعِ، وَهَذَا لَهُ خَمْسُ أَصَابِعَ فِي مَحَلِّهَا، فَكَانَتْ كُلُّهَا أَصْلِيَّةً. فَإِنْ قَالُوا: مَعْنَى كَوْنِهَا زَائِدَةً، أَنَّهَا ضَعِيفَةٌ مَائِلَةٌ عَنْ سَمْتِ الْأَصَابِعِ. قُلْنَا: ضَعْفُهَا لَا يُوجِبُ كَوْنَهَا زَائِدَةً، كَذَكَرِ الْعِنِّينِ، وَأَمَّا مَيْلُهَا عَنْ الْأَصَابِعِ، فَإِنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ نَابِتَةً فِي مَحَلِّ الْإِصْبَعِ الْمَعْدُومَةِ، فَسَدَ قَوْلُهُمْ إنَّهَا فِي مَحَلِّهَا، وَإِنْ كَانَتْ نَابِتَةً فِي مَوْضِعِهَا، وَإِنَّمَا مَالَ رَأْسُهَا وَاعْوَجَّتْ، فَهَذَا مَرَضٌ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا أَصْلِيَّةً.
[فَصْلٌ قَطَعَ إصْبَعَهُ فَأَصَابَهُ مِنْ جُرْحِهَا أَكَلَةٌ فِي يَدِهِ وَسَقَطَتْ مِنْ مَفْصِلٍ]
(٦٧٤٢) فَصْلٌ: وَإِذَا قَطَعَ إصْبَعَهُ، فَأَصَابَهُ مِنْ جُرْحِهَا أَكَلَةٌ فِي يَدِهِ، وَسَقَطَتْ مِنْ مَفْصِلٍ، فَفِيهَا الْقِصَاصُ. وَإِنْ بَادَرَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute