(١١٧٤) فَصْلٌ: وَلَوْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ خُنْثَى مُشْكِلٌ وَحْدَهُ، فَالصَّحِيحُ أَنْ يَقِفَهُ عَنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَقَدْ وَقَفَ فِي مَوْقِفِهِ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهَا بِوُقُوفِهَا مَعَ الْإِمَامِ، كَمَا لَا تَبْطُلُ بِوُقُوفِهَا مَعَ الرِّجَالِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقِفَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا. فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا رَجُلٌ، وَقَفَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ، وَالْخُنْثَى عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ عَنْ يَمِينِ الرَّجُلِ، وَلَا يَقِفَا خَلْفَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً، إلَّا عِنْدَ مَنْ أَجَازَ مُصَافَّةَ الْمَرْأَةِ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ رَجُلٌ آخَرُ، وَقَفَ الثَّلَاثَةُ خَلْفَهُ صَفًّا؛ لِمَا ذَكَرْنَا.
وَإِنْ كَانَ مَعَ الْخُنْثَى خُنْثَى آخَرُ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَقِفُ الْخُنْثَيَانِ صَفًّا خَلْفَ الرَّجُلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا امْرَأَتَيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقِفَا مَعَ الرَّجُلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ رَجُلًا، فَلَا تَصِحَّ صَلَاتُهُ. وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ نِسَاءٌ، وَقَفْنَ خَلْفَ الْخَنَاثَى. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إذَا اجْتَمَعَ رِجَالٌ وَصِبْيَانٌ وَخَنَاثَى وَنِسَاءٌ، تَقَدَّمَ الرِّجَالُ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ، ثُمَّ الْخَنَاثَى، ثُمَّ النِّسَاءُ. وَرَوَى أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: أَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَفَّ الرِّجَالَ، وَصَفَّ خَلْفَهُمْ الْغِلْمَانَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ. ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا صَلَاتُهُ» . قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: لَا أَحْسِبُهُ إلَّا قَالَ: " صَلَاةُ أُمَّتِي ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
[فَصْلٌ الْأَحَقّ بِالْوُقُوفِ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ وَمَنْ يَلِي الْإِمَامَ]
فَصْلٌ (١١٧٥) : السُّنَّةُ أَنْ يَتَقَدَّمَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أُولُو الْفَضْلِ وَالسِّنِّ، وَيَلِي الْإِمَامَ أَكْمَلُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: يَلِي الْإِمَامَ الشُّيُوخُ وَأَهْلُ الْقُرْآنِ، وَتُؤَخَّرُ الصِّبْيَانُ وَالْغِلْمَانُ، وَلَا يَلُونَ الْإِمَامَ؛ لِمَا رَوَى أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ أَنْ يَلِيَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ؛ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا، فَقَالَ: «تَقَدَّمُوا فَأَتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد. وَرَوَى أَحْمَدُ، فِي " مُسْنَدِهِ "، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: أَتَيْت الْمَدِينَةَ لِلِقَاءِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، وَخَرَجَ عُمَرُ مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُمْت فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ، فَعَرَفَهُمْ غَيْرِي، فَنَحَّانِي، وَقَامَ فِي مَكَانِي، فَمَا عَقَلْت صَلَاتِي، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، لَا يَسُؤْكَ اللَّهُ، فَإِنِّي لَمْ آتِكَ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute