وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِعِوَضٍ، فَلَمْ يَعْتِقْ بِدُونِ قَبُولِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بِأَلْفٍ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ " عَلَى " تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ وَالْعِوَضِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: ٦٦] . وَقَالَ تَعَالَى {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} [الكهف: ٩٤] . وَلَوْ قَالَ فِي النِّكَاحِ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي فُلَانَةَ، عَلَى صَدَاقِ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ. فَقَالَ الْآخَرُ: قَبِلْت. صَحَّ النِّكَاحُ، وَثَبَتَ الصَّدَاقُ. وَقَالَ الْفُقَهَاءُ: إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا، وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا. فَأَمَّا إذَا قَالَ: أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً. فَقَبِلَ، فَفِيهَا رِوَايَتَانِ، كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَقْبَلْ الْعَبْدُ، لَمْ يَعْتِقْ. رِوَايَةً وَاحِدَةً. فَعَلَى هَذَا، إذَا قَبِلَ الْعَبْدُ، عَتَقَ فِي الْحَالِ، وَلَزِمَتْهُ خِدْمَتُهُ سَنَةً. فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ كَمَالِ السَّنَةِ، رُجِعَ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْخِدْمَةِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تُقَسَّطُ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى خِدْمَةِ السَّنَةِ، فَيُقَسَّطُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا مَضَى، وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ.
وَلَنَا أَنَّ الْعِتْقَ عَقْدٌ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخَ، فَإِذَا تَعَذَّرَ فِيهِ اسْتِيفَاءُ الْعِوَضِ، رُجِعَ إلَى قِيمَتِهِ، كَالْخُلْعِ فِي النِّكَاحِ، وَالصُّلْحِ فِي دَمِ الْعَمْدِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ، عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا. فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَقْبَلَ، فَإِذَا قَبِلَ، عَتَقَ، وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بِأَلْفِ. لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَقْبَلَ، فَيَعْتِقَ، وَيَلْزَمَهُ أَلْفٌ.
[فَصْل عَلَّقَ عِتْقَ أَمَتِهِ بِصِفَةِ وَهِيَ حَامِلٌ]
(٨٦٤٣) فَصْلٌ: وَإِذَا عَلَّقَ عِتْقَ أَمَتِهِ بِصِفَةٍ، وَهِيَ حَامِلٌ، تَبِعَهَا وَلَدُهَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا، فَإِنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ، ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ، عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فِي الصِّفَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ فِي الصِّفَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ فِي الْبَطْنِ. وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا حِينَ التَّعْلِيقِ، ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهِيَ حَامِلٌ، عَتَقَتْ هِيَ وَحَمْلُهَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وُجِدَ فِيهَا وَهِيَ حَامِلٌ، فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا، كَالْمُنَجَّزِ. وَإِنْ حَمَلَتْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ، وَوَلَدَتْ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ، ثُمَّ وُجِدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ لَا فِي حَالِ التَّعْلِيقِ، وَلَا فِي حَالِ الْعِتْقِ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ، قِيَاسًا عَلَى وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ.
وَإِنْ بَطَلَتْ الصِّفَةُ بِبَيْعٍ أَوْ مَوْتٍ، لَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَبِيعُهَا فِي الْعِتْقِ، لَا فِي الصِّفَةِ، فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ فِيهَا، لَمْ يُوجَدْ فِيهِ، بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ؛ فَإِنَّهُ تَبِعَهَا فِي التَّدْبِيرِ فَإِذَا بَطَلَ فِيهَا، بَقِيَ فِيهِ.
[مَسْأَلَة أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ]
(٨٦٤٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ، مُنِعَ مِنْ غَشَيَانِهَا، وَالتَّلَذُّذِ بِهَا، وَأُجْبِرَ عَلَى نَفَقَتِهَا، فَإِنْ أَسْلَمَ، حَلَّتْ لَهُ وَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُؤَخَّرُ شَرْحُهَا إلَى بَابِ عِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ؛ فَإِنَّهُ أَلْيَقُ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute