للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آكَدُ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَتَجِبُ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَالْعَاجِزِ، وَيُرْجَعُ عَلَيْهَا بِهَا عِنْدَ يَسَارِهِ، وَالْفِطْرَةُ بِخِلَافِهَا.

[فَصْلُ مِنْ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ إذَا أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ]

(١٩٨٠) فَصْلٌ: وَمَنْ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، كَالْمَرْأَةِ وَالنَّسِيبِ الْفَقِيرِ، إذَا أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ بِإِذْنِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، صَحَّ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ. وَإِنْ أَخْرَجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ فِطْرَتَهُ فَأَجْزَأْهُ كَاَلَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ.

[فَصْلُ لَهُ دَارٌ يَحْتَاجُ إلَيْهَا هَلْ عَلَيْهِ زَكَاة الْفِطْر]

(١٩٨١) فَصْلٌ: وَمَنْ لَهُ دَارٌ يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِسُكْنَاهَا، أَوْ إلَى أَجْرِهَا لِنَفَقَتِهِ، أَوْ ثِيَابُ بِذْلَةٌ لَهُ، أَوْ لِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، أَوْ رَقِيقٌ يَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهِمْ هُوَ أَوْ مَنْ يَمُونُهُ، أَوْ بَهَائِمُ يَحْتَاجُونَ إلَى رُكُوبِهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا فِي حَوَائِجِهِمْ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ سَائِمَةٌ يَحْتَاجُ إلَى نَمَائِهَا كَذَلِكَ، أَوْ بِضَاعَةٌ يَخْتَلُّ رِبْحُهَا الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِإِخْرَاجِ الْفِطْرَةِ مِنْهَا، فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَتَعَلَّقُ بِهِ حَاجَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ بَيْعُهُ، كَمُؤْنَةِ نَفْسِهِ.

وَمَنْ لَهُ كُتُبٌ يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِلنَّظَرِ فِيهَا وَالْحِفْظِ مِنْهَا، لَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهَا. وَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَ لَهَا حُلِيٌّ لِلُبْسٍ أَوْ لِكِرَاءٍ يُحْتَاجُ إلَيْهِ، لَمْ يَلْزَمْهَا بَيْعُهُ فِي الْفِطْرَةِ. وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَأَمْكَنَ بَيْعُهُ وَصَرْفُهُ فِي الْفِطْرَة وَجَبَتْ الْفِطْرَةُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ أَدَاؤُهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَصْلِيٍّ، أَشْبَهَ مَا لَوْ مَلَكَ مِنْ الطَّعَامِ مَا يُؤَدِّيه فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ.

[مَسْأَلَةُ لَا تَجِبُ فِطْرَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ]

(١٩٨٢) مَسْأَلَةٌ:

قَالَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي مُكَاتَبِهِ زَكَاةٌ وَعَلَى الْمُكَاتَبِ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَمِمَّنْ

قَالَ: لَا تَجِبُ فِطْرَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ، أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَأَوْجَبَهَا عَلَى السَّيِّدِ عَطَاءٌ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ عَبِيدِهِ. وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " مِمَّنْ تَمُونُونَ ". وَهَذَا لَا يَمُونُهُ، وَلِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، فَلَمْ تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ، كَالْأَجْنَبِيِّ، وَبِهَذَا فَارَقَ سَائِرَ عَبِيدِهِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِطْرَةَ نَفْسِهِ، وَفِطْرَةَ مِنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَزَوْجَتِهِ، وَرَقِيقِهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَاقِصُ الْمِلْكِ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ، كَالْقِنِّ، وَلِأَنَّهَا زَكَاةٌ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ كَزَكَاةِ الْمَالِ. وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>