للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«اغْسِلْ عَنْك الطِّيبَ» . وَلِأَنَّهُ تَارِكٌ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَغْسِلُهُ بِهِ، مَسَحَهُ بِخِرْقَةِ، أَوْ حَكَّهُ بِتُرَابِ أَوْ وَرَقٍ أَوْ حَشِيش؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ إزَالَتُهُ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ، وَهَذَا نِهَايَةُ قُدْرَتِهِ.

[فَصْل احْتَاجَ الْمُحْرِم إلَى الْوُضُوءِ وَغَسْلِ الطِّيبِ وَمَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِي إلَّا أَحَدَهُمَا]

(٢٦٥٨) فَصْلٌ: إذَا احْتَاجَ إلَى الْوُضُوءِ وَغَسْلِ الطِّيبِ، وَمَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِي إلَّا أَحَدَهُمَا قَدَّمَ غَسْلَ الطِّيبِ، وَتَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ لَا رُخْصَةَ فِي إبْقَاءِ الطِّيبِ، وَفِي تَرْكِ الْوُضُوءِ إلَى التَّيَمُّمِ رُخْصَةٌ. فَإِنْ قَدَرَ عَلَى قَطْعُ رَائِحَةِ الطِّيبِ بِغَيْرِ الْمَاءِ، فَعَلَ وَتَوَضَّأَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إزَالَةِ الطِّيبِ قَطْع رَائِحَتِهِ، فَلَا يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ، وَالْوُضُوءُ بِخِلَافِهِ.

[فَصْل إذَا لَبِسَ الْمُحْرِم قَمِيصًا وَعِمَامَةً وَسَرَاوِيل وَخُفَّيْنِ]

(٢٦٥٩) فَصْلٌ: إذَا لَبِسَ قَمِيصًا وَعِمَامَةً وَسَرَاوِيلَ وَخُفَّيْنِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْظُورٌ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ يَجِبُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ فِدْيَةٍ وَاحِدَةٍ، كَالطِّيبِ فِي بَدَنِهِ وَرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ.

[فَصْل فَعَلَ الْمُحْرِم مَحْظُورًا مِنْ أَجْنَاسٍ فَحَلَقَ وَلَبِسَ وَتَطَيَّبَ وَوَطِئَ]

(٢٦٦٠) فَصْلٌ: وَإِنْ فَعَلَ مَحْظُورًا مِنْ أَجْنَاسٍ، فَحَلَقَ، وَلَبِسَ، وَتَطَيَّبَ، وَوَطِئَ، فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِدْيَةٌ، سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ مُجْتَمِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا.

وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ فِي الطِّيبِ وَاللُّبْسِ وَالْحَلْقِ فِدْيَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ دَمٌ. وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ.

وَقَالَ عَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: إذَا حَلَقَ، ثُمَّ احْتَاجَ إلَى الطِّيبِ، أَوْ إلَى قَلَنْسُوَةٍ أَوْ إلَيْهِمَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إنْ لَبِسَ الْقَمِيصَ وَتَعَمَّمَ وَتَطَيَّبَ، فَعَلَ ذَلِكَ جَمِيعًا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَنَحْوُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ.

وَلَنَا، أَنَّهَا مَحْظُورَاتٌ مُخْتَلِفَةُ الْأَجْنَاسِ، فَلَمْ تَتَدَاخَلْ أَجْزَاؤُهَا، كَالْحُدُودِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَالْأَيْمَانِ الْمُخْتَلِفَةِ. وَعَكْسُهُ مَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ.

[مَسْأَلَة لَبِسَ الْمُحْرِم أَوْ تَطَيَّبَ نَاسِيًا]

(٢٦٦١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ نَاسِيًا، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَيَخْلَعُ اللِّبَاسَ، وَيَغْسِلُ الطِّيبَ، وَيَفْرَغُ إلَى التَّلْبِيَةِ) الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُتَطَيِّبَ أَوْ اللَّابِسَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ. قَالَ سُفْيَانُ: ثَلَاثَةٌ فِي الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ سَوَاءٌ؛ إذَا أَتَى أَهْلَهُ، وَإِذَا أَصَابَ صَيْدًا، وَإِذَا حَلَقَ رَأْسَهُ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا جَامَعَ أَهْلَهُ بَطَلَ حَجُّهُ. لِأَنَّهُ شَيْءٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ، وَالصَّيْدُ إذَا قَتَلَهُ فَقَدْ ذَهَبَ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدَّهُ، وَالشَّعْرُ إذَا حَلَقَهُ فَقَدْ ذَهَبَ، فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ فِيهَا سَوَاءٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ النِّسْيَانِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ، مِثْلُ إذَا غَطَّى الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ ثُمَّ ذَكَرَ، أَلْقَاهُ عَنْ رَأْسِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، أَوْ لَبِسَ خُفًّا، نَزَعَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>