للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبَّاسٍ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُمَرَ، وَلِأَنَّ الدِّينَارَ مَعْدُولٌ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، بِدَلِيلِ أَنَّ عُمَرَ فَرَضَ الْجِزْيَةَ عَلَى الْغَنِيِّ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ أَوْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ دِينَارَيْنِ، أَوْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْفَقِيرِ دِينَارًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا. وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ نِصَابُ أَحَدِهِمَا مَعْدُولًا بِنِصَابِ الْآخَرِ، كَمَا أَنَّ السَّائِمَةَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ لَيْسَ نِصَابُ شَيْءٍ مِنْهَا مَعْدُولًا بِنِصَابِ غَيْرِهِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَيْسَ مَعَ مَنْ جَعَلَ الدِّيَةَ عَشَرَةَ آلَافٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَدِيثٌ مُسْنَدٌ وَلَا مُرْسَلٌ، وَحَدِيثُ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُمَرَ، يُخَالِفُهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْهُ.

[فَصْلٌ الدِّيَة مَتَى وَجَدَتْ عَلَى الصُّفَّة الْمَشْرُوطَة وَجَبَ أَخَذَهَا]

(٦٧٧٦) فَصْلٌ: وَعَلَى هَذَا، أَيُّ شَيْءٍ أَحْضَرَهُ مَنْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ مِنْ الْقَاتِلِ أَوْ الْعَاقِلَةِ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ، لَزِمَ الْوَلِيَّ أَخْذُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِغَيْرِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ النَّوْعِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهَا أُصُولٌ فِي قَضَاءِ الْوَاجِبِ، يُجْزِئُ وَاحِدٌ مِنْهَا، فَكَانَتْ الْخِيَرَةُ إلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ، وَكَشَاتَيْ الْجُبْرَانِ فِي الزَّكَاةِ مَعَ الدَّرَاهِمِ. وَإِنْ قُلْنَا: الْأَصْلُ الْإِبِلُ خَاصَّةً. فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ سَلِيمَةً مِنْ الْعُيُوبِ، وَأَيُّهُمَا أَرَادَ الْعُدُولَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا، فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ مُتَعَيِّنٌ فِيهَا، فَاسْتُحِقَّتْ، كَالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْمُتْلَفَةِ.

وَإِنْ أَعْوَزَتْ الْإِبِلُ، وَلَمْ تُوجَدْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، فَلَهُ الْعُدُولُ إلَى أَلْفِ دِينَارٍ، أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمُ. وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: تَجِبُ قِيمَةُ الْإِبِلِ، بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؛ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عُمَرَ فِي تَقْوِيمِ الْإِبِلِ، وَلِأَنَّ مَا ضَمِنَ بِنَوْعٍ مِنْ الْمَالِ، وَجَبَتْ قِيمَتُهُ، كَذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَلِأَنَّ الْإِبِلَ إذَا أَجْزَأَتْ إذَا قَلَّتْ قِيمَتُهَا، يَنْبَغِي أَنْ تُجْزِئَ وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا، كَالدَّنَانِيرِ إذَا غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ. وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ نَقُولَ إذَا غَلَتْ الْإِبِلُ كُلُّهَا، فَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْإِبِلُ مَوْجُودَةً بِثَمَنِ مِثْلِهَا، إلَّا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>