ابْن عَبَّاسٍ أَنَّ وَلَاءَهُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو عُبَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْ غَيْرِهِ، فَكَانَ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ، كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ»
وَلِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ غَيْرِهِ، فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا.
[مَسْأَلَةٌ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ رَجُلٍ حَيٍّ بِأَمْرِهِ]
(٥٠٠٩) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ، فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ بِأَمْرِهِ) وَبِهَذَا قَالَ جَمِيعُ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إلَّا أَبَا حَنِيفَةَ، وَوَافَقَهُ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَدَاوُد، فَقَالُوا: الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ، إلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْهُ عَلَى عِوَضٍ فَيَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ، وَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ ثُمَّ وَكَّلَهُ فِي إعْتَاقِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ عَنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَلَا يَصِحُّ تَقْدِيرُ الْبَيْعِ، فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ» . وَعَنْ أَحْمَدَ مِثْلُ ذَلِكَ
وَلَنَا، أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْإِعْتَاقِ، فَكَانَ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ، كَمَا لَوْ أَخَذَ عِوَضًا، فَإِنَّهُ كَمَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ الْبَيْعِ فِيمَا إذَا أَخَذَ عِوَضًا، يَجُوزُ تَقْدِيرُ الْهِبَةِ إذَا لَمْ يَأْخُذْ عِوَضًا، فَإِنَّ الْهِبَةَ جَائِزَةٌ فِي الْعَبْدِ، كَمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَالْخَبَرُ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا أَخَذَ عِوَضًا، وَكَسَائِرِ الْوُكَلَاءِ، فَنَقِيسُ عَلَيْهِ مَحَلَّ النِّزَاعِ.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ]
(٥٠١٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي، وَعَلَيَّ. ثَمَنُهُ. فَالثَّمَنُ عَلَيْهِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ) لَا نَعْلَمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا، وَأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ، لِكَوْنِهِ أَعْتَقَهُ عَنْهُ بِعِوَضٍ. وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْهُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، فَيُقَدَّرُ ابْتِيَاعُهُ مِنْهُ، ثُمَّ تَوْكِيلُهُ فِي عِتْقِهِ، لِيَصِحَّ عَنْهُ، فَيَكُونَ الثَّمَنُ عَلَيْهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ، كَمَا لَوْ ابْتَاعَهُ مِنْهُ ثُمَّ وَكَّلَهُ فِي عِتْقِهِ.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ أَعْتِقْهُ وَالثَّمَنُ عَلَيَّ]
(٥٠١١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْهُ، وَالثَّمَنُ عَلَيَّ. كَانَ الثَّمَنُ عَلَيْهِ، وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ) إنَّمَا كَانَ الثَّمَنُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ جَعْلًا عَلَى إعْتَاقِ عَبْدِهِ، فَلَزِمَهُ ذَلِكَ بِالْعَمَلِ، كَمَا لَوْ قَالَ: مَنْ بَنَى لِي هَذَا الْحَائِطَ فَلَهُ دِينَارٌ. فَبَنَاهُ إنْسَانٌ، اسْتَحَقَّ الدِّينَارَ. وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعْتَاقِهِ عَنْهُ، وَلَا قَصَدَ بِهِ الْمُعْتِقُ ذَلِكَ، فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي صَرْفَهُ إلَيْهِ، فَيَبْقَى لِلْمُعْتِقِ، عَمَلًا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ.»
[فَصْلٌ أَوْصَى أَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَأُعْتِقَ]
(٥٠١٢) فَصْلٌ: وَمَنْ أَوْصَى أَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَأُعْتِقَ، فَالْوَلَاءُ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: عَنِّي.