الْجَنِينِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ حَصَلَ بِالضَّرْبَةِ فِي مَمْلُوكِهِ. وَلَمْ يَتَجَدَّدْ بَعْدَ الْعِتْقِ مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ، عَلَيْهِ غُرَّةٌ، لَا يَرِثُ مِنْهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْجِنَايَةِ بِحَالِ اسْتِقْرَارِهَا. وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ لِشَرِيكَيْنِ، فَضَرَبَاهَا، ثُمَّ أَعْتَقَاهَا مَعًا، فَوَضَعَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَنَى عَلَى الْجَنِينِ، وَنِصْفُهُ لَهُ، فَسَقَطَ عَنْهُ ضَمَانُهُ، وَلَزِمَ ضَمَانُ نِصْفِهِ الَّذِي لِشَرِيكِهِ بِنِصْفِ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ، اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْغُرَّةِ، لِلْأُمِّ مِنْهَا الثُّلُثُ، وَبَاقِيهَا لِلْوَرَثَةِ، وَلَا يَرِثُ الْقَاتِلُ مِنْهَا شَيْئًا.
[فَصْلٌ ضَرَبَ ابْنُ الْمُعْتَقَةِ الَّذِي أَبُوهُ عَبْدٌ بَطْنَ امْرَأَةٍ]
(٦٨٥٥) فَصْلٌ: إذَا ضَرَبَ ابْنُ الْمُعْتَقَةِ الَّذِي أَبُوهُ عَبْدٌ بَطْنَ امْرَأَةٍ، ثُمَّ أُعْتِقَ أَبُوهُ، ثُمَّ أَسْقَطَتْ جَنِينًا وَمَاتَتْ، احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ دِيَتُهُمَا فِي مَالِ الْجَانِي، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ عَلَى مَوْلَى الْأُمِّ وَعَصَبَاتِهِ، فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ. وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ، عَلَى مَوْلَى الْأَبِ وَأَقَارِبِهِ، اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِسْقَاطِ. وَإِنْ ضَرَبَ ذِمِّيٌّ بَطْنَ امْرَأَتِهِ الذِّمِّيَّةِ، ثُمَّ أَسْلَمَ، ثُمَّ أَسْقَطَتْ، لَمْ تَحْمِلْهُ عَاقِلَتُهُ. وَإِنْ مَاتَتْ مَعَهُ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَاقِلَتَهُ الْمُسْلِمِينَ لَا يَعْقِلُونَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَ الْجِنَايَةِ ذِمِّيًّا، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ لَا يَعْقِلُونَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْإِسْقَاطِ مُسْلِمٌ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَقْلُهُ، فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ، وَيَكُونَ فِي الْجَنِينِ مَا يَجِبُ فِي الْجَنِينِ الْكَافِر لِأَنَّهُ حِينَ الْجِنَايَة مَحْكُوم بِكُفْرِهِ، وَعَلَى قِيَاس قَوْلِ ابْنِ حَامِد تَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ كَامِلَةٌ، وَيَكُون عَقْلُهُ وَعَقْلُ أُمِّهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، اعْتِبَارًا بِحَالِ الِاسْتِقْرَارِ.
[مَسْأَلَة ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ]
(٦٨٥٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَهَا، فَأَلْقَتْ جَنِينًا حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ مِنْ الضَّرْبَةِ، فَفِيهِ دِيَةُ حُرٍّ إنْ كَانَ حُرًّا، أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا، إذَا كَانَ سُقُوطُهُ لِوَقْتِ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا) هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ فِي الْجَنِينِ، يَسْقُطُ حَيًّا مِنْ الضَّرْبِ، دِيَةً كَامِلَةً، مِنْهُمْ؛ زَيْدُ بْن ثَابِتٍ، وَعُرْوَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَمَالِك، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ جِنَايَتِهِ بَعْدَ وِلَادَتِهِ، فِي وَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ، فَأَشْبَهَ قَتْلَهُ بَعْدَ وَضْعِهِ.
وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ: (٦٨٥٧) الْفَصْل الْأَوَّل: أَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَن بِالدِّيَةِ إذَا وَضَعَتْهُ حَيًّا، وَمَتَى عُلِمَتْ حَيَاتُهُ، ثَبَتَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ، سَوَاءٌ ثَبَتَتْ بِاسْتِهْلَالِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute