غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ عَالِمًا بِالْحَالِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ، رَجَعَ عَلَى الْقَصَّابِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ مِنْهُ فَاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَعَانَ بِمَنْ ذَبَحَ لَهُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ.
[فَصْل غَصَبَ حَبًّا فَزَرَعَهُ فَصَارَ زَرْعًا أَوْ نَوَى فَصَارَ شَجَرًا أَوْ بَيْضًا فَحَضَنَهُ فَصَارَ فَرْخًا]
(٣٩٦٥) فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ حَبًّا فَزَرَعَهُ فَصَارَ زَرْعًا، أَوْ نَوًى فَصَارَ شَجَرًا، أَوْ بَيْضًا فَحَضَنَهُ فَصَارَ فَرْخًا، فَهُوَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ نَمَا، فَأَشْبَهَ مَا تَقَدَّمَ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَمْلِكَهُ الْغَاصِبُ، بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ. وَإِنْ غَصَبَ دَجَاجَةً فَبَاضَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ حَضَنَتْ بَيْضَهَا فَصَارَ فِرَاخًا، فَهُمَا لِمَالِكِهَا، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِي عَلَفِهَا.
قَالَ أَحْمَدُ فِي طَيْرَةٍ جَاءَتْ إلَى دَارِ قَوْمٍ فَأَفْرَخَتْ عِنْدَهُمْ: يَرُدُّ فُرُوخَهَا إلَى أَصْحَابِ الطَّيْرَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِيمَا عَمِلَ. وَإِنْ غَصَبَ شَاةً، فَأَنْزَى عَلَيْهَا فَحْلًا، فَالْوَلَدُ لِصَاحِبِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَائِهَا. وَإِنْ غَصَبَ فَحْلًا، فَأَنْزَاهُ عَلَى شَاتِه، فَالْوَلَدُ لِصَاحِبِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْأُمَّ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ. وَإِنْ نَقَصَهُ الضِّرَابُ ضَمِنَ نَقْصَهُ.
[فَصْلٌ غَصَبَ دَنَانِير أَوْ دَرَاهِم مِنْ رَجُلٍ وَخَلَطَهَا بِمِثْلِهَا لِآخَر فَلَمْ يَتَمَيَّزَا]
(٣٩٦٦) فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ، وَخَلَطَهَا بِمِثْلِهَا لِآخَرَ، فَلَمْ يَتَمَيَّزَا، صَارَا شَرِيكَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَمْلِكُهَا الْغَاصِبُ، وَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلِهَا لَهُمَا، وَإِنْ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا مِنْ مَالِهِ، مَلَكَهَا؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهَا بِعَيْنِهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَلِفَتْ. وَلَنَا، أَنَّهُ فِعْلٌ فِي الْمَغْصُوبِ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي، لَمْ يَذْهَبْ بِمَالِيَّتِهِ، فَلَمْ يَزُلْ مِلْكُ صَاحِبِهِ عَنْهُ، كَذَبْحِ الشَّاةِ.
[فَصْلٌ غَصَبَ عَبْدًا فَصَادَ صَيْدًا أَوْ كَسَبَ شَيْئًا]
(٣٩٦٧) فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا، فَصَادَ صَيْدًا، أَوْ كَسَبَ شَيْئًا، فَهُوَ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ غَصَبَ جَارِحًا كَالْفَهْدِ وَالْبَازِي، فَصَادَ بِهِ، فَالصَّيْدُ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبِ مَالِهِ، فَأَشْبَهَ صَيْدَ الْعَبْدِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ الصَّائِدُ، وَالْجَارِحَةُ آلَةٌ لَهُ، وَلِهَذَا يَكْتَفِي بِتَسْمِيَتِهِ عِنْدَ إرْسَالِهِ الْجَارِحَ. وَإِنْ غَصَبَ قَوْسًا أَوْ سَهْمًا أَوْ شَبَكَةً، فَصَادَ بِهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ لِصَاحِبِ الْقَوْسِ وَالسَّهْمِ وَالشَّبَكَةِ؛ لِأَنَّهُ حَاصِلٌ بِهِ، فَأَشْبَهَ نَمَاءَ مِلْكِهِ وَكَسْبَ عَبْدِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute