وَغَيْرُهُمَا، وَرَوَى أَبُو قَتَادَةَ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا، رَأَيْت رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْت لَهُ حَتَّى أَتَيْته مِنْ وَرَائِهِ، فَضَرَبْته بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ ضَرْبَةً، فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ ثُمَّ إنَّ النَّاسَ رَجَعُوا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ. قَالَ: فَقُمْت فَقُلْت: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا لَك يَا أَبَا قَتَادَةَ. فَاقْتَصَصْت عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَا هَا اللَّهِ إذَا تَعْمِدُ إلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ تَعَالَى، يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ، فَيُعْطِيك سَلَبَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صَدَقَ، فَأَسْلِمْهُ إلَيْهِ. قَالَ: فَأَعْطَانِيهِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ «قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ.» فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلًا، فَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
[الْفَصْلُ الثَّانِي السَّلَبُ لِكُلِّ قَاتِلٍ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ أَوْ الرَّضْخَ]
(٧٤٧٠) أَنَّ السَّلَبَ لِكُلِّ قَاتِلٍ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ أَوْ الرَّضْخَ، كَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُشْرِكِ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ الْعَبْدَ إذَا بَارَزَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ فَقَتَلَ، لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ، وَيُرْضَخُ لَهُ مِنْهُ؛ وَلِلشَّافِعِيِّ فِي مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ؛ لِأَنَّ السَّهْمَ آكَدُ مِنْهُ، لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّهُ، فَالسَّلَبُ أَوْلَى.
وَلَنَا، عُمُومُ الْخَبَرِ، وَأَنَّهُ قَاتِلٌ مِنْ أَهْلِ الْغَنِيمَةِ،، فَاسْتَحَقَّ السَّلَبَ، كَذَا السَّهْمَ، وَلِأَنَّ الْأَمِيرَ لَوْ جَعَلَ جُعْلًا لِمَنْ صَنَعَ شَيْئًا فِيهِ نَفْعٌ لِلْمُسْلِمِينَ، لَاسْتَحَقَّهُ فَاعِلُهُ مِنْ هَؤُلَاءِ، فَاَلَّذِي جَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى. وَفَارَقَ السَّهْمَ؛ لِأَنَّهُ عُلِّقَ عَلَى الْمَظِنَّةِ، وَلِهَذَا يُسْتَحَقُّ بِالْحُضُورِ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْفَاعِلُ وَغَيْرُهُ، وَالسَّلَبُ مُسْتَحَقٌّ بِحَقِيقَةِ الْفِعْلِ، وَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ ذَلِكَ، فَاسْتَحَقَّهُ، كَالْمَجْعُولِ لَهُ جُعْلًا عَلَى فِعْلٍ إذَا فَعَلَهُ. فَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِقُّ سَهْمًا وَلَا رَضْخًا، كَالْمُرْجِفِ وَالْمُخَذِّلِ وَالْمُعِينِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ وَإِنْ قَتَلَ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute