للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، أَلْقَى طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَمَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ، وَصَلَّى جَابِرٌ فِي قَمِيصٍ لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إنِّي «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْفَضِيلَةِ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّي فِي ثَوْبَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ]

(٨١٢) الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي الْفَضِيلَةِ، وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ. فَإِنَّهُ إذًا أَبْلَغُ فِي السَّتْرِ. لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَوْسَعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، صَلَّى رَجُلٌ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ فِي إزَارٍ وَقَمِيصٍ، فِي إزَارٍ وَقَبَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «إذَا كَانَ لِأَحَدِكُمْ ثَوْبَانِ فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَلْيَتَّزِرْ بِهِ، وَلَا يَشْتَمِلْ اشْتِمَالَ الْيَهُودِ» .

قَالَ التَّمِيمِيُّ: الثَّوْبُ الْوَاحِدُ يُجْزِئُ، وَالثَّوْبَانِ أَحْسَنُ، وَالْأَرْبَعُ أَكْمَلُ؛ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَعِمَامَةٌ وَإِزَارٌ. وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى نَافِعًا يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، قَالَ: أَلَمْ تَكْتَسِ ثَوْبَيْنِ؟ قُلْت: بَلَى. قَالَ: فَلَوْ أُرْسِلْت فِي الدَّارِ، أَكُنْتَ تَذْهَبُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ؟ قُلْت لَا. قَالَ: فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ أَوْ النَّاسُ؟ قُلْت: بَلْ اللَّهُ.

وَقَالَ الْقَاضِي: وَذَلِكَ فِي الْإِمَامِ آكَدُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمَأْمُومِينَ، وَتَتَعَلَّقُ صَلَاتُهُمْ بِصَلَاتِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَالْقَمِيصُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ فِي السَّتْرِ، فَإِنَّهُ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْجَسَدِ إلَّا الرَّأْسَ وَالرِّجْلَيْنِ، ثُمَّ الرِّدَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَلِيهِ فِي السَّتْرِ، ثُمَّ الْمِئْزَرُ أَوْ السَّرَاوِيلُ. وَلَا يُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا مَا سَتَرَ الْعَوْرَةَ عَنْ غَيْرِهِ وَعَنْ نَفْسِهِ، فَلَوْ صَلَّى فِي قَمِيصٍ وَاسِعِ الْجَيْبِ بِحَيْثُ لَوْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ رَأَى عَوْرَتَهُ، أَوْ كَانَتْ بِحَيْثُ يَرَاهَا، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ «سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَازْرُرْهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ» . قَالَ الْأَثْرَمُ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ غَيْرَ مَزْرُورٍ عَلَيْهِ؟ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَزِرَّهُ.

قِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَتْ لِحْيَتُهُ تُغَطِّيهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُتَّسِعَ الْجَيْبِ؟ قَالَ: إنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>