للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ النَّقْضِ بِمُطَالَبَةِ شُرَكَائِهِ، وَإِلْزَامِهِمْ النَّقْضَ، فَصَارَ بِذَلِكَ مُفَرِّطًا. وَأَمَّا إنْ كَانَ مَيْلُ الْحَائِط إلَى مِلْكِ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، إمَّا وَاحِدٌ وَإِمَّا جَمَاعَةٌ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، إلَّا أَنَّ الْمُطَالَبَةَ لِلْمَالِكِ، أَوْ سَاكِنِ الْمِلْكِ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ.

وَإِنْ كَانَ لِجَمَاعَةٍ، فَأَيُّهُمْ طَالَبَ، وَجَبَ النَّقْضُ بِمُطَالَبَتِهِ، كَمَا لَوْ طَالَبَ وَاحِدٌ بِنَقْضِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ، إلَّا أَنَّهُ مَتَى طَالَبَ، ثُمَّ أَجَّلَهُ صَاحِبُ الْمِلْكِ، أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ سَاكِنُ الدَّارِ الَّتِي مَال إلَيْهَا، جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ. وَإِنْ مَالَ إلَى دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ، فَالْحَقُّ لِأَهْلِ الدَّرْبِ، وَالْمُطَالَبَةُ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُمْ، وَيَلْزَمُ النَّقْضُ بِمُطَالَبَةِ أَحَدِهِمْ، وَلَا يَبْرَأَ بِإِبْرَائِهِ وَتَأْجِيلِهِ، إلَّا أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ جَمِيعُهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِجَمِيعِهِمْ.

[فَصْلٌ تَقَدَّمَ إلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ بِنَقْضِهِ فَبَاعَهُ مَائِلًا]

(٦٨٨٠) فَصْلٌ: وَإِذَا تَقَدَّمَ إلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ بِنَقْضِهِ، فَبَاعَهُ مَائِلًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ لَهُ، وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَالَبْ بِنَقْضِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ. وَإِنْ قُلْنَا بِلُزُومِ الْهِبَةِ، زَالَ الضَّمَانُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. وَإِذَا وَجَبَ الضَّمَانُ، وَكَانَ التَّالِفُ بِهِ آدَمِيًّا، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَإِنْ أَنْكَرَتْ عَاقِلَتُهُ كَوْنَ الْحَائِطِ لِصَاحِبِهِمْ، لَمْ يَلْزَمْهُمْ الْعَقْلُ، إلَّا أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَجِبُ بِالشَّكِّ. وَإِنْ اعْتَرَفَ صَاحِبُ الْحَائِطِ، لَزِمَهُ الضَّمَانُ دُونَهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ اعْتِرَافًا. وَكَذَلِكَ إنْ أَنْكَرُوا مُطَالَبَتَهُ بِنَقْضِهِ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ فِي يَدِ صَاحِبِهِمْ، وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الدَّارِ، لَمْ يَثْبُتْ بِذَلِكَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ ذَلِكَ عَلَى الْمِلْكِ مِنْ جِهَةِ الظَّاهِرِ وَالظَّاهِرُ لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُقُوقُ، وَإِنَّمَا تُرَجَّحُ بِهِ الدَّعْوَى.

(٦٨٨١) فَصْلٌ: وَإِنْ لَمْ يَمِلْ الْحَائِطُ، لَكِنْ تَشَقَّقَ، فَإِنْ لَمْ يُخْشَ سُقُوطُهُ، لِكَوْنِ شُقُوقِهِ بِالطُّولِ، لَمْ يَجِبْ نَقْضُهُ، وَكَانَ حُكْمُهُ فِي هَذَا حُكْمَ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَفْ سُقُوطُهُ، فَأَشْبَهَ الصَّحِيحَ، وَإِنْ خِيفَ وُقُوعُهُ، مِثْلُ أَنْ تَكُونَ شُقُوقُهُ بِالْعَرْضِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَائِلِ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ، فَأَشْبَهَ الْمَائِلَ.

[فَصْلٌ أَخْرَجَ إلَى الطَّرِيقِ النَّافِذِ جَنَاحًا أَوْ سَابَاطًا فَسَقَطَ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفْهُ]

(٦٨٨٢) فَصْلٌ: وَإِذَا أَخْرَجَ إلَى الطَّرِيقِ النَّافِذِ جَنَاحًا، أَوْ سَابَاطًا، فَسَقَطَ، أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ، فَأَتْلَفْهُ، فَعَلَى الْمُخْرِجِ ضَمَانُهُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: إنْ وَقَعَتْ خَشَبَةٌ لَيْسَتْ مُرَكَّبَةً عَلَى حَائِطِهِ، وَجَبَ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَتْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>