للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَاب الْجَنَائِز]

ِ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادُ لَهُ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ، فَمَا ذُكِرَ فِي كَثِيرٍ إلَّا قَلَّلَهُ، وَلَا فِي قَلِيلٍ إلَّا كَثَّرَهُ» . رَوَى الْبُخَارِيُّ أَوَّلَهُ. وَإِذَا مَرِضَ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَصْبِرَ، وَيُكْرَهُ الْأَنِينُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ.

وَلَا يَتَمَنَّى الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَلَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَيُحْسِنُ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ تَعَالَى، قَالَ جَابِرٌ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد.

وَقَالَ مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ، إنَّهُ قَالَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ: حَدِّثْنِي بِالرُّخَصِ.

[فَصْلٌ عِيَادَة الْمَرِيض]

(١٤٩٢) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ، قَالَ الْبَرَاءُ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ. وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضًا مُمْسِيًا، إلَّا خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ أَتَاهُ مُصْبِحًا، خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ.» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

وَإِذَا دَخَلَ عَلَى الْمَرِيضِ دَعَا لَهُ، وَرَقَاهُ. قَالَ ثَابِتٌ لَأَنَسٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، اشْتَكَيْتُ. قَالَ أَنَسٌ، أَفَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ الْبَاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» . وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: «أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اشْتَكَيْتُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيك، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيك، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ وَعَيْنٍ حَاسِدَةٍ اللَّهُ يَشْفِيك» . وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كِلَا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحٌ.

وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الْأَجَلِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ شَيْئًا، وَإِنَّهُ يُطَيِّبُ نَفْسَ الْمَرِيضِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَيُرَغِّبُهُ فِي التَّوْبَةِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ، وَلَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>