[فَصْلٌ كَانَ بَيْنَهُمَا دَارٌ أَوْ خَانٌ كَبِيرٌ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ ذَلِكَ وَلَا ضَرَرَ فِي قِسْمَتِهِ]
(٨٣١١) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا دَارٌ، أَوْ خَانٌ كَبِيرٌ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ ذَلِكَ وَلَا ضَرَرَ فِي قِسْمَتِهِ، أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْقِسْمَةِ، وَتُفْرَدُ بَعْضُ الْمَسَاكِنِ عَنْ بَعْضٍ وَإِنْ كَثُرَتْ الْمَسَاكِنُ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا دَارَانِ، أَوْ خَانَانِ، أَوْ أَكْثَرُ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَجْمَعَ نَصِيبَهُ فِي إحْدَى الدَّارَيْنِ، أَوْ أَحَدِ الْخَانَيْنِ، وَيَجْعَلَ الْبَاقِيَ نَصِيبًا، لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: إذَا رَأَى الْحَاكِمُ ذَلِكَ، فَلَهُ فِعْلُهُ، سَوَاءٌ تَقَارَبَتَا أَوْ تَفَرَّقَتَا؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ وَأَعْدَلُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتَا مُتَجَاوِرَتَيْنِ، أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَجَاوِرَتَيْنِ تَتَقَارَبُ مَنْفَعَتُهُمَا، بِخِلَافِ الْمُتَبَاعِدَتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حَجَزَتْ الْأُخْرَى، أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ مَجْرَى الدَّارِ الْوَاحِدَةِ. وَلَنَا، أَنَّهُ نَقْلُ حَقِّهِ مِنْ عَيْنٍ إلَى عَيْنٍ أُخْرَى، فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، كَالْمُتَفَرِّقِينَ عَلَى مِلْكٍ، وَكَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ حُجَّةً بِهَا مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَمَا لَوْ كَانَتَا دَارًا وَدُكَّانًا مَعَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَالْحُكْمُ فِي الدَّكَاكِينِ كَالْحُكْمِ فِي الدُّورِ، وَكَمَا لَوْ كَانَتْ لَهَا عَضَائِدُ صِغَارٌ، لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةً، لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ مِنْ قَسْمِهَا عَلَيْهَا.
[فَصْلٌ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ وَاحِدٌ يُمْكِنُ قِسْمَتُهَا وَتَتَحَقَّقُ فِيهَا الشُّرُوطُ]
(٨٣١٢) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ وَاحِدٌ يُمْكِنُ قِسْمَتُهَا، وَتَتَحَقَّقُ فِيهَا الشُّرُوطُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى قَسْمِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ فَارِغَةً أَوْ ذَاتَ شَجَرٍ وَبِنَاءٍ. فَإِنْ كَانَ فِيهَا نَخْلٌ، وَكَرْمٌ، وَشَجَرٌ مُخْتَلِفٌ، وَبِنَاءٌ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ كُلِّ عَيْنٍ عَلَى حِدَتِهَا، وَطَلَبَ الْآخَرُ قِسْمَةَ الْجَمِيعِ بِالتَّعْدِيلِ بِالْقِيمَةِ، فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: تُقْسَمُ كُلُّ عَيْنٍ عَلَى حِدَتِهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَقْسُومٍ، إذَا أَمْكَنَتْ التَّسْوِيَةُ بَيْن الشَّرِيكَيْنِ فِي جَيِّدِهِ وَرَدِيئِهِ، كَانَ أَوْلَى.
وَنَحْوَ هَذَا قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ؛ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إذَا أَمْكَنَتْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فِي جَيِّدِهِ وَرَدِيئِهِ، بِأَنْ يَكُونَ الْجَيِّدُ فِي مُقَدَّمِهَا وَالرَّدِيءُ فِي مُؤَخَّرِهَا، فَإِذَا قَسَمْنَاهَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيء مِثْلُ مَا لِلْآخَرِ، وَجَبَتْ الْقِسْمَةُ، وَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ الْقِسْمَةُ هَكَذَا، بِأَنْ تَكُونَ الْعِمَارَةُ أَوْ الشَّجَرُ وَالْجَيِّدُ لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ وَحْدَهُ، وَأَمْكَنَ التَّعْدِيلُ بِالْقِيمَةِ عُدِّلَتْ بِالْقِيمَةِ، وَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ مِنْ الْقِسْمَةِ عَلَيْهَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ: لَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ الْقِسْمَةِ عَلَيْهَا.
وَقَالُوا: إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ ثَلَاثِينَ جَرِيبًا، قِيمَةُ عَشْرَةِ أَجْرِبَةٍ مِنْهَا كَقِيمَةِ عِشْرِينَ، لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ مِنْ الْقِسْمَةِ عَلَيْهَا؛ لِتَعَذُّرِ التَّسَاوِي فِي الذَّرْعِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute