الطُّهْرَ قَبْلَ الْحَيْضِ كُلَّهُ قُرْءٌ وَاحِدٌ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَطْلُقَ حَتَّى تَطْهُرَ بَعْدَ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الطُّهْرُ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ لَوْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ فِي عِدَّتِهَا، لَمْ تَحْتَسِبْ بِالطُّهْرِ الَّذِي قَبْلَ الْحَيْضِ مِنْ عِدَّتِهَا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَالْحُكْمُ فِي الْحَامِلِ كَالْحُكْمِ فِي الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ زَمَنَ الْحَمْلِ كُلَّهُ قُرْءٌ وَاحِدٌ، فِي أَحَدٍ الْوَجْهَيْنِ، إذَا قُلْنَا: الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ، لَيْسَ بِقُرْءٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَإِنْ كَانَتْ آيِسَةً، فَقَالَ الْقَاضِي: تَطْلُقُ وَاحِدَةً عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِصِفَةِ تَسْتَحِيلُ فِيهَا، فَلَغَتْ وَوَقَعَ بِهَا الطَّلَاقُ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ. وَإِذَا طَلُقَتْ الْحَامِلُ فِي حَالِ حَمْلِهَا، بَانَتْ بِوَضْعِهِ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِهِ، فَلَمْ يَلْحَقْهَا طَلَاقٌ آخَرُ. فَإِنْ اسْتَأْنَفَ نِكَاحَهَا، أَوْ رَاجَعَهَا قَبْلَ وَضْعِ حَمْلِهَا، ثُمَّ طَهُرَتْ مِنْ النِّفَاسِ، طَلُقَتْ أُخْرَى، ثُمَّ إذَا حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ، وَقَعَتْ الثَّالِثَةُ.
[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَيْك لِلسُّنَّةِ]
(٥٨٣٣) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ، إنْ كَانَ الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَيْك لِلسُّنَّةِ. وَهِيَ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ، طَلُقَتْ بِوُجُودِ الصِّفَةِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ، انْحَلَّتْ الصِّفَةُ، وَلَمْ يَقَعْ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ مَا وُجِدَ. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ، إنْ كَانَ الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَيْك لِلْبِدْعَةِ. إنْ كَانَتْ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ، وَقَعَ، وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ بِحَالٍ. فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لِطَلَاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ، فَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهَا احْتِمَالَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَقَعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ مَا وُجِدَتْ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، إنْ كُنْت هَاشِمِيَّةً. وَلَمْ تَكُنْ هَاشِمِيَّةً. وَالثَّانِي، تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ لِوُقُوعِ الطَّلْقَةِ شَرْطًا مُسْتَحِيلًا، فَلَغَى، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ كَهَذَيْنِ.
[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ]
(٥٨٣٤) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ، أَوْ أَجْمَلَهُ، أَوْ أَعْدَلَهُ، أَوْ أَكْمَلَهُ، أَوْ أَتَمَّهُ، أَوْ أَفْضَلَهُ، أَوْ قَالَ: طَلْقَةً حَسَنَةً، أَوْ جَمِيلَةً، أَوْ عِدْلَةً أَوْ سُنِّيَّةً. كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِبَارَةً عَنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: إذَا قَالَ: أَعْدَلَ الطَّلَاقِ أَوْ أَحْسَنَهُ، وَنَحْوَهُ، كَقَوْلِنَا. وَإِنْ قَالَ: طَلْقَةً سُنِّيَّةً أَوْ عِدْلَةً. وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَّصِفُ بِالْوَقْتِ، وَالسُّنَّةُ وَالْبِدْعَةُ وَقْتٌ، فَإِذَا وَصَفَهَا بِمَا لَا تَتَّصِفُ بِهِ، سَقَطْت الصِّفَةُ، كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً. أَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوَالْبِدْعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute