للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَرَوَى النَّسَائِيّ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِأَعْرَابِيٍّ: كُلْ. قَالَ: إنِّي صَائِمٌ. قَالَ: صَوْمُ مَاذَا؟ قَالَ: صَوْمُ ثَلَاثَة أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ. قَالَ: إنْ كُنْت صَائِمًا فَعَلَيْك بِالْغُرِّ الْبِيضِ؛ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ» . وَعَنْ مِلْحَانَ الْقَيْسِيِّ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ؛ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ. وَقَالَ: هُوَ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَسُمِّيَتْ أَيَّامَ الْبِيضِ لِابْيِضَاضِ لَيْلِهَا كُلِّهِ بِالْقَمَرِ، وَالتَّقْدِيرُ: أَيَّامِ اللَّيَالِي الْبِيضِ. وَقِيلَ: إنَّ اللَّهَ تَابَ عَلَى آدَمَ فِيهَا، وَبَيَّضَ صَحِيفَتَهُ. ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ. (٢١٤٢)

فَصْل: وَيَجِبُ عَلَى الصَّائِم أَنْ يُنَزِّهَ صَوْمَهُ عَنْ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالشَّتْمِ. قَالَ أَحْمَدُ: يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَتَعَاهَدَ صَوْمَهُ مِنْ لِسَانِهِ، وَلَا يُمَارِي، وَيَصُونَ صَوْمَهُ، كَانُوا إذَا صَامُوا قَعَدُوا فِي الْمَسَاجِدِ، وَقَالُوا: نَحْفَظُ صَوْمَنَا. وَلَا يَغْتَابُ أَحَدًا، وَلَا يَعْمَلُ عَمَلًا يَجْرَحُ بِهِ صَوْمَهُ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» . وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ، وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا، إذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

[فَصْلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

(٢١٤٣) فَصْلٌ: فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: وَهِيَ لَيْلَةٌ شَرِيفَةٌ مُبَارَكَةٌ مُعَظَّمَةٌ مُفَضَّلَةٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: ٣] . قِيلَ: مَعْنَاهُ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: إنَّمَا سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ فِيهَا مَا يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِنْ خَيْرٍ وَمُصِيبَةٍ، وَرِزْقٍ وَبَرَكَةٍ. يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: ٤] . وَسَمَّاهَا مُبَارَكَةً، فَقَالَ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: ٣] . وَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>