[فَصْل اشْتَرَى أُضْحِيَّة فَلَمْ يُوجِبْهَا حَتَّى عَلِمَ بِهَا عَيْبًا]
(٧٨٦٩) فَصْل: وَإِنْ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً، فَلَمْ يُوجِبْهَا حَتَّى عَلِمَ بِهَا عَيْبًا، فَلَهُ رَدُّهَا إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ أَرْشَهَا، ثُمَّ إنْ كَانَ عَيْبُهَا يَمْنَعُ إجْزَاءَهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّضْحِيَةُ بِهَا، وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، وَالْأَرْشُ لَهُ. وَإِنْ أَوْجَبَهَا، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا مَعِيبَةٌ، فَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَدِّهَا وَأَخْذِ أَرْشِهَا، فَإِنْ أَخَذَ أَرْشَهَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الزَّائِدِ عَنْ قِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ لَهُ؛ لِأَنَّ إيجَابَهَا إنَّمَا صَادَفَهَا بِدُونِ هَذَا الَّذِي أَخَذَ أَرْشَهُ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْإِيجَابُ بِالْأَرْشِ، وَلَا بِمُبْدَلِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهَا ثُمَّ أَخَذَ أَرْشَهَا. وَعَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ: لَا يَمْلِكُ رَدَّهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا بِإِيجَابِهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا مَعِيبًا فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ.
وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، فَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّن أَخْذُ الْأَرْشِ. وَفِي كَوْنِ الْأَرْشِ لِلْمُشْتَرِي، وَوُجُوبِهِ فِي التَّضْحِيَةِ، وَجْهَانِ، ثُمَّ نَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ عَيْبُهَا لَا يَمْنَعُ إجْزَاءَهَا، فَقَدْ صَحَّ إيجَابُهَا، وَالتَّضْحِيَةُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ عَيْبُهَا يَمْنَعُ إجْزَاءَهَا، فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا لَوْ أَوْجَبَهَا عَالِمًا بِعَيْبِهَا، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[مَسْأَلَةٌ وَلَدَتْ الْأُضْحِيَّة]
(٧٨٧٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَإِنْ وَلَدَتْ، ذَبَحَ وَلَدَهَا مَعَهَا وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ أُضْحِيَّةً فَوَلَدَتْ فَوَلَدُهَا تَابِعٌ لَهَا، حُكْمُهُ حُكْمُهَا، سَوَاءٌ كَانَ حَمْلًا حِينَ التَّعْيِينِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، لَا يَذْبَحُهُ، وَيَدْفَعُهُ إلَى الْمَسَاكِينِ حَيًّا، وَإِنْ ذَبَحَهُ، دَفَعَهُ إلَيْهِمْ مَذْبُوحًا، وَأَرْشَ مَا نَقَصَهُ الذَّبْحُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَائِهَا، فَلَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِمْ عَلَى صِفَتِهِ، كَصُوفِهَا وَشَعْرِهَا.
وَلَنَا، أَنَّ اسْتِحْقَاقَ وَلَدِهَا حُكْمٌ يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ مِنْ الْأُمِّ، فَيَثْبُتُ لَهُ مَا يَثْبُتُ لَهَا، كَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ يَذْبَحُهُ كَمَا يَذْبَحُهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ أُضْحِيَّةً عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ لِأُمِّهِ، وَلَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَا تَأْخِيرُهُ عَنْ أَيَّامِهِ، كَأُمِّهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنِّي اشْتَرَيْت هَذِهِ الْبَقَرَةَ لِأُضَحِّيَ بِهَا، وَإِنَّهَا وَضَعَتْ هَذَا الْعِجْلَ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا تَحْلُبْهَا إلَّا فَضْلًا عَنْ تَيْسِيرِ وَلَدِهَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْأَضْحَى، فَاذْبَحْهَا وَوَلَدَهَا عَنْ سَبْعَةٍ. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ زُهَيْرٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَذْفٍ، عَنْ عَلِيٍّ (٧٨٧١) فَصْلٌ: وَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا إلَّا الْفَاضِلَ عَنْ وَلَدِهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ، أَوَكَانَ الْحَلْبُ يَضُرُّ بِهَا، أَوْ يُنْقِصُ لَحْمَهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَلَهُ أَخْذُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute