بِمَالِهِ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ» وَلِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ كَانَا جَمِيعًا لِلسَّيِّدِ، فَأَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا، فَبَقِيَ مِلْكُهُ فِي الْآخَرِ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَاعَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ أَحْمَدُ: يَرْوِيه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الْحَدِيثِ، كَانَ صَاحِبَ فِقْهٍ، فَأَمَّا فِي الْحَدِيثِ فَلَيْسَ هُوَ فِيهِ بِالْقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: هَذَا الْحَدِيثُ خَطَأٌ، فَأَمَّا فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ، فَإِنَّهُ تَفَضُّلٌ مِنْهُ عَلَى مُعْتَقِهِ. قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: كَانَ هَذَا عِنْدَك عَلَى التَّفَضُّلِ؟ فَقَالَ: إي لَعَمْرِي عَلَى التَّفَضُّلِ قِيلَ لَهُ: فَكَأَنَّهُ عِنْدَك لِلسَّيِّدِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، لِلسَّيِّدِ، مِثْلُ الْبَيْعِ، سَوَاءٌ.
[مَسْأَلَة قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ فِي وَقْتٍ سَمَّاهُ]
. (٨٦٣٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَاذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ فِي وَقْتٍ سَمَّاهُ، لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ عَلَى مَجِيءِ وَقْتٍ، مِثْلُ قَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَأْتِيَ رَأْسُ الْحَوْلِ وَلَهُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَإِجَارَتُهُ وَوَطْءُ الْأَمَةِ، وَبِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ أَحْمَدُ إذَا قَالَ لِغُلَامِهِ أَنْتَ حُرٌّ إلَى أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ وَمَجِيءُ فُلَانٍ وَاحِدٍ وَإِلَى رَأْسِ السَّنَةِ وَإِلَى رَأْسِ الشَّهْرِ إنَّمَا يُرِيدُ إذَا جَاءَ رَأْسُ السَّنَةِ أَوْ جَاءَ رَأْسُ الْهِلَالِ مِنْهُ، وَاذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ الْهِلَالُ إنَّمَا تَطْلُقْ إذَا جَاءَ رَأْسُ الْهِلَالِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ وَحُكِيَ عَنْ مَالِك أَنَّهُ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ عَتَقَ فِي الْحَالِ، وَاَلَّذِي حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ جَارِيَةً لَمْ يَطَأْهَا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا مِلْكًا تَامًّا وَلَا يَهَبُهَا وَلَا يَلْحَقُهَا بِسَبَبِهِ رِقٌّ، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْوَقْتِ كَانَتْ حُرَّةً عِنْدَ الْوَقْتِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ عَلَيْهَا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ عَتِيقٌ إلَى رَأْسِ الْحَوْلِ، فَلَوْلَا أَنَّ الْعِتْقَ يَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ لَمْ يُعَلِّقْهُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ، وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا كَمَا لَوْ قَالَ إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ وَاسْتِحْقَاقُهَا لِلْعِتْقِ لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ كَالِاسْتِيلَادِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُكَاتَبَةَ لِأَنَّهَا اشْتَرَتْ نَفْسَهَا مِنْ سَيِّدِهَا بِعِوَضٍ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْ إكْسَابِهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute