للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٦٤١٤) فَصْلٌ: وَإِنَّمَا يَحْرُمُ مِنْ ذَلِكَ مِثْلُ الَّذِي يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ، وَهُوَ خَمْسٌ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ، فَإِنَّهُ فَرْعٌ عَلَى الرَّضَاعِ، فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ، فَإِنْ ارْتَضَعَ وَكَمَّلَ الْخَمْسَ بِسَعُوطٍ أَوْ وَجُورٍ، أَوْ اسْتَعَطَ أَوْ أُوجِرَ، وَكَمَّلَ الْخَمْسَ بِرَضَاعٍ، ثَبَتَ التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَاهُ كَالرَّضَاعِ فِي أَصْلِ التَّحْرِيمِ، فَكَذَلِكَ فِي إكْمَالِ الْعَدَدِ، وَلَوْ حَلَبَتْ فِي إنَاءٍ دَفْعَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ سَقَتْهُ غُلَامًا فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ، فَهُوَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ، فَإِنَّهُ لَوْ أَكَلَ مِنْ طَعَامٍ خَمْسَ أَكَلَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، لَكَانَ قَدْ أَكَلَ خَمْسَ أَكَلَاتٍ.

وَإِنْ حَلَبَتْ فِي إنَاءٍ حَلَبَاتٍ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ، ثُمَّ سَقَتْهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً كَانَ رَضْعَةً وَاحِدَةً، كَمَا لَوْ جُعِلَ الطَّعَامُ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ، ثُمَّ أَكَلَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، كَانَ أَكْلَةً وَاحِدَةً. وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلٌ فِي الصُّورَتَيْنِ عَكْسُ مَا قُلْنَا اعْتِبَارًا لِخُرُوجِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالرَّضَاعِ، وَالْوَجُورُ فَرْعُهُ. وَلَنَا أَنَّ، الِاعْتِبَارَ بِشُرْبِ الصَّبِيِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَرِّمُ، وَلِهَذَا ثَبَتَ التَّحْرِيمُ بِهِ مِنْ غَيْرِ رَضَاعٍ، وَلَوْ ارْتَضَعَ بِحَيْثُ يَصِلُ إلَى فِيهِ، ثُمَّ مَجَّهُ، لَمْ يَثْبُتْ التَّحْرِيمُ، فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِهِ، وَمَا وُجِدَ مِنْهُ إلَّا دَفْعَةً وَاحِدَةً، فَكَانَ رَضْعَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ سَقَتْهُ فِي أَوْقَاتٍ، فَقَدْ وُجِدَ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ، فَكَانَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، فَأَمَّا إنْ سَقَتْهُ اللَّبَنَ الْمَجْمُوعَ جَرْعَةً بَعْدَ جَرْعَةٍ مُتَتَابِعَةٍ، فَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِاعْتِبَارِهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ؛ وَلِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِي الرَّضْعَةِ إلَى الْعُرْفِ، وَهُمْ لَا يَعُدُّونَ هَذَا رَضَعَاتٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَكَلَ الْآكِلُ الطَّعَامَ لُقْمَةً بَعْدَ لُقْمَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ أَكَلَاتٌ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرْجِعَ عَلَى مَا إذَا قَطَعَتْ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ الرَّضَاعَ، عَلَى مَا قَدَّمْنَا.

[فَصْلٌ عَمِلَ اللَّبَنَ جُبْنًا ثُمَّ أَطْعَمَهُ الصَّبِيَّ هَلْ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ]

(٦٤١٥) فَصْلٌ: وَإِنْ عَمِلَ اللَّبَنَ جُبْنًا ثُمَّ أَطْعَمَهُ الصَّبِيَّ، ثَبَتَ بِهِ التَّحْرِيمُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُحَرَّمُ بِهِ؛ لِزَوَالِ الِاسْمِ. وَكَذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ: لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِالْوَجُورِ. لَا يَثْبُتُ هَاهُنَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَلَنَا، أَنَّهُ وَاصِلٌ مِنْ الْحَلْقِ، يَحْصُلُ بِهِ إنْبَاتُ اللَّحْمِ وَإِنْشَازُ الْعَظْمِ، فَحَصَلَ بِهِ التَّحْرِيمُ، كَمَا لَوْ شَرِبَهُ. (٦٤١٦)

فَصْلٌ: فَأَمَّا الْحُقْنَةُ، فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ؛ أَنَّهَا لَا تُحَرِّمُ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى: تُحَرِّمُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ سَبِيلٌ يَحْصُلُ بِالْوَاصِلِ مِنْهُ الْفِطْرُ، فَتَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ، كَالرَّضَاعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>