ضَرَرًا. وَلَوْ اشْتَرَى بِالنِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الدِّينَارِ سِلْعَةً، جَازَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَنْ مُشَارَطَةٍ، فَقَالَ: أَقْضِيك صَحِيحًا بِشَرْطِ أَنِّي آخُذُ مِنْك بِنِصْفِهِ الْبَاقِي قَمِيصًا. فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ صَحِيحًا إلَّا لِيُعْطِيَهُ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي فَضْلَ مَا بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْمَكْسُورِ مِنْ النِّصْفِ الْمَقْضِيِّ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا، جَازَ.
فَإِنْ تَرَكَ النِّصْفَ الْآخَرَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً، جَازَ، وَكَانَا شَرِيكَيْنِ فِيهِ. وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى كَسْرِهِ، كَسَرَاهُ. فَإِنْ اخْتَلَفَا، لَمْ يُجْبَرْ أَحَدُهُمَا عَلَى كَسْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ.
[فَصَلِّ أفلس غَرِيمه فَأُقْرِضَهُ أَلْفًا لِيُوفِيَهُ كُلَّ شَهْرٍ شَيْئًا مَعْلُومًا]
(٣٢٦٧) فَصْلٌ: وَلَوْ أَفْلَسَ غَرِيمُهُ، فَأَقْرَضَهُ أَلْفًا، لِيُوَفِّيَهُ كُلَّ شَهْرٍ شَيْئًا مَعْلُومًا، جَازَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا انْتَفَعَ بِاسْتِيفَاءِ مَا هُوَ مُسْتَحِقٌّ لَهُ. وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حِنْطَةٌ. فَأَقْرَضَهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ حِنْطَةً يُوَفِّيه إيَّاهَا، لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا؛ لِذَلِكَ. وَلَوْ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَبْعَثَ إلَى عِيَالِهِ نَفَقَةً، فَأَقْرَضَهَا رَجُلًا، عَلَى أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى عِيَالِهِ. فَلَا بَأْسَ، إذَا لَمْ يَأْخُذْ عَلَيْهَا شَيْئًا. وَلَوْ أَقْرَضَ أَكَّارَهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ بَقَرًا يَعْمَلُ عَلَيْهَا فِي أَرْضِهِ، أَوْ بَذْرًا يَبْذُرُهُ فِيهَا، فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْقَرْضِ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ، فَأَشْبَهَ شَرْطَ الزِّيَادَةِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا، فَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ قَرْضٌ جَرَّ مَنْفَعَةً. قَالَ: وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْنِي أَلْفًا، وَادْفَعْ إلَى أَرْضَك أَزْرَعْهَا بِالثُّلُثِ. كَانَ خَبِيثًا. وَالْأَوْلَى جَوَازُ ذَلِكَ، إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ، وَالْمُسْتَقْرِضُ إنَّمَا يَقْصِدُ نَفْعَ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ انْتِفَاعُ الْمُقْرِضِ ضِمْنًا، فَأَشْبَهَ أَخْذَ السَّفْتَجَةَ بِهِ، وَإِيفَاءَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَلِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ لَهُمَا جَمِيعًا، فَأَشْبَهَ مَا ذَكَرْنَا.
[فَصْلٌ اقْتَرِضْ مِنْ رَجُل دَرَاهِم وَابْتَاعَ بِهَا مِنْهُ شَيْئًا فَخَرَجَتْ زُيُوفًا]
(٣٢٦٨) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ، فِي مَنْ اقْتَرَضَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ، وَابْتَاعَ بِهَا مِنْهُ شَيْئًا، فَخَرَجَتْ زُيُوفًا: فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءِ. يَعْنِي لَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِبَدَلِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا دَرَاهِمُهُ، فَعَيْبُهَا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بَدَلُ مَا أَقْرَضَهُ إيَّاهُ بِصِفَتِهِ زُيُوفًا. وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ فِيمَا إذَا بَاعَهُ السِّلْعَةَ بِهَا وَهُوَ يَعْلَمُ عَيْبَهَا؛ فَأَمَّا إنْ بَاعَهُ فِي ذِمَّتِهِ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ قَبَضَ هَذِهِ بَدَلًا عَنْهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ لَهُ دَرَاهِمُ خَالِيَةٌ مِنْ الْعَيْبِ، وَيَرُدَّ هَذِهِ عَلَيْهِ، وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا عَلَى الْبَائِعِ، وَفَاءً عَنْ الْقَرْضِ، وَيَبْقَى الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ.
وَإِنْ حَسَبَهَا عَلَى الْبَائِعِ وَفَاءً عَنْ الْقَرْضِ، وَوَفَّاهُ الثَّمَنَ جَيِّدًا، جَازَ. قَالَ: وَلَوْ أَقْرَضَ رَجُلًا دَرَاهِمَ، وَقَالَ: إذَا مِتّ فَأَنْتِ فِي حِلٍّ. كَانَتْ وَصِيَّةً. وَإِنْ قَالَ: إنْ مِتّ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ. لَمْ يَصِحَّ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا إبْرَاءٌ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى الشُّرُوطِ، وَالْأَوَّلُ وَصِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ ذَلِكَ عَلَى مَوْتِ نَفْسِهِ، وَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ. قَالَ: وَلَوْ أَقْرَضَهُ تِسْعِينَ دِينَارًا بِمِائَةٍ عَدَدًا وَالْوَزْنُ وَاحِدٌ، وَكَانَتْ لَا تُنْفَقُ فِي مَكَان إلَّا بِالْوَزْنِ، جَازَ. وَإِنْ كَانَتْ تُنْفَقُ بِرُءُوسِهَا، فَلَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ تُنْفَقُ فِي مَكَان بِرُءُوسِهَا، كَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً، لِأَنَّ التِّسْعِينَ مِنْ الْمِائَةِ تَقُومُ مَقَامَ التِّسْعِينَ الَّتِي أَقْرَضَهُ إيَّاهَا، وَيَسْتَفْضِلُ عَشَرَةً، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الزِّيَادَةِ، وَإِذَا كَانَتْ لَا تُنْفَقُ إلَّا بِالْوَزْنِ، فَلَا زِيَادَةَ فِيهَا وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُهَا. قَالَ: وَلَوْ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute