للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَام أَقَلَّ مِنْ رَكْعَة يَوْم الْجُمُعَةَ]

(١٣١١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، بَنَى عَلَيْهَا ظُهْرًا، إذَا كَانَ قَدْ دَخَلَ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ) . أَمَّا مَنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ، وَيُصَلِّي ظُهْرًا أَرْبَعًا. وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ مَنْ ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ هَذِهِ. وَقَالَ الْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ بِأَيِّ قَدْرٍ أَدْرَكَ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَزِمَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً، لَزِمَهُ إذَا أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْهَا، كَالْمُسَافِرِ يُدْرِكُ الْمُقِيمَ، وَلِأَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ، فَكَانَ مُدْرِكًا لَهَا، كَالظُّهْرِ.

وَلَنَا، قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» . فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لَهَا. وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ، فَيَكُونُ إجْمَاعًا، وَقَدْ رَوَى بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الزَّيَّاتُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى، وَمَنْ أَدْرَكَ دُونَهَا صَلَّاهَا أَرْبَعًا»

وَلِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً، فَلَمْ تَصِحَّ لَهُ الْجُمُعَةُ، كَالْإِمَامِ إذَا انْفَضُّوا قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ. وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَإِدْرَاكُهُ إدْرَاكُ إلْزَامٍ، وَهَذَا إدْرَاكُ إسْقَاطٍ لِلْعَدَدِ، فَافْتَرَقَا، وَكَذَلِكَ يُتِمُّ الْمُسَافِرُ خَلْفَ الْمُقِيمِ، وَلَا يَقْصُرُ الْمُقِيمُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ، وَأَمَّا الظُّهْرُ فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا الْجَمَاعَةُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.

[فَصْلٌ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ فَاتَتْهُ السَّجْدَتَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ]

(١٣١٢) فَصْلٌ: وَأَمَّا قَوْلُهُ " بِسَجْدَتَيْهَا " فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِلتَّأْكِيدِ، كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨] وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الَّذِي أَدْرَكَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ فَاتَتْهُ السَّجْدَتَانِ، أَوْ إحْدَاهُمَا، حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ، لِزِحَامٍ، أَوْ نِسْيَانٍ، أَوْ نَوْمٍ، أَوْ غَفْلَةٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي مَنْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ زُحِمَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ، فَرَوَى الْأَثْرَمُ، وَالْمَيْمُونِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، أَنَّهُ يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ، يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.

اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ. وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ رَكَعَ وَسَجَدَ مَعَهُ. وَنَقَلَ صَالِحٌ، وَابْنُ مَنْصُورٍ، وَغَيْرُهُمَا، أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ أَرْبَعًا.

وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَابْنِ أَبِي مُوسَى، وَاخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَقَوْلُ قَتَادَةَ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً كَامِلَةً، فَلَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ، كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.

[فَصْلٌ الْمَزْحُومُ إذَا سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ أَوْ قَدَمِهِ]

(١٣١٣) فَصْلٌ: وَمَتَى قَدَرَ الْمَزْحُومُ عَلَى السُّجُودِ عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ، أَوْ قَدَمِهِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَأَجْزَأَهُ. قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>