[فَصْلٌ صِفَة تَكْبِير الْعِيدَيْنِ]
(١٤٣٢) فَصْلٌ: وَصِفَةُ التَّكْبِيرِ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، إلَّا أَنَّهُ زَادَ: عَلَى مَا هَدَانَا. لِقَوْلِهِ: {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [الحج: ٣٧] .
وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، يَقُول: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ جَابِرًا صَلَّى فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ. وَهَذَا لَا يَقُولُهُ إلَّا تَوْقِيفًا، وَلِأَنَّ التَّكْبِيرَ شِعَارُ الْعِيدِ، فَكَانَ وِتْرًا، كَتَكْبِيرِ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ.
وَلَنَا، خَبَرُ جَابِرٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ نَصٌّ فِي كَيْفِيَّةِ التَّكْبِيرِ، وَأَنَّهُ قَوْلُ الْخَلِيفَتَيْنِ الرَّاشِدَيْنِ، وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَوْلُ جَابِرٍ لَا يُسْمَعُ مَعَ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُقَدَّمُ عَلَى قَوْلِ أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا، فَكَيْفَ قَدَّمُوهُ عَلَى قَوْلِ جَمِيعِهِمْ؟ وَلِأَنَّهُ تَكْبِيرٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ، فَكَانَ شَفْعًا، كَتَكْبِيرِ الْأَذَانِ.
وَقَوْلُهُمْ: إنَّ جَابِرًا لَا يَفْعَلُهُ إلَّا تَوْقِيفًا. فَاسِدٌ؛ لَوُجُوهٍ: أَحَدُهَا، أَنَّهُ قَدْ رَوَى خِلَافَ قَوْلِهِ، فَكَيْفَ يَتْرُكُ مَا صَرَّحَ بِهِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ ضِدِّهِ؟ الثَّانِي، أَنَّهُ إنْ كَانَ قَوْلُهُ تَوْقِيفًا، كَانَ قَوْلُ مَنْ خَالَفَهُ تَوْقِيفًا، فَكَيْفَ قَدَّمُوا الضَّعِيفَ عَلَى مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، مَعَ إمَامَةِ مَنْ خَالَفَهُ وَفَضْلِهِمْ فِي الْعِلْمِ عَلَيْهِ، وَكَثْرَتِهِمْ؟ الثَّالِثُ، أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَذْهَبٍ لَهُمْ، فَإِنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ لَا يُحْمَلُ عَلَى التَّوْقِيفِ عِنْدَهُمْ. الرَّابِعُ، أَنَّهُ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى التَّوْقِيفِ مَا خَالَفَ الْأُصُولَ، وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُخَالِفُ الْأَصْلَ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ وِتْرًا.
[مَسْأَلَةٌ التَّكْبِير عَقِيب الْفَرَائِض فِي الْعِيدَيْنِ]
(١٤٣٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (ثُمَّ لَا يَزَالُ يُكَبِّرُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ يُكَبِّرُ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ، وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ، حَتَّى يُكَبِّرَ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ يَقْطَعُ) الْمَشْرُوعُ عِنْدَ إمَامِنَا، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، التَّكْبِيرُ عَقِيبَ الْفَرَائِضِ فِي الْجَمَاعَاتِ، فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. قَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَذْهَبُ إلَى فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ لَا يُكَبِّرُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ؟ قَالَ أَحْمَدُ: نَعَمْ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنَّمَا التَّكْبِيرُ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ.
وَهَذَا مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُكَبِّرُ عَقِيبَ النَّوَافِلِ، وَيُكَبِّرُ عَقِيبَ الْفَرَائِضِ كُلِّهَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُكَبِّرُ عَقِيبَ كُلِّ صَلَاةٍ، فَرِيضَةً كَانَتْ، أَوْ نَافِلَةً، مُنْفَرِدًا صَلَّاهَا، أَوْ فِي جَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مَفْعُولَةٌ، فَيُكَبِّرُ عَقِيبَهَا، كَالْفَرْضِ فِي جَمَاعَةٍ. وَلَنَا، قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَفِعْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فَكَانَ إجْمَاعًا. وَلِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute