للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابَتِهَا، وَإِنْ وَطِئَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، فَقَدْ أَسَاءَ، وَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، إلَّا عَنْ الْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ؛ فَإِنَّهُمَا قَالَا: عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ يُحَرِّمُ الْوَطْءَ، فَأَوْجَبَ الْحَدَّ بِوَطْئِهَا، كَالْبَيْعِ.

وَلَنَا، أَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ، فَلَمْ يَجِبْ الْحَدُّ بِوَطْئِهَا، كَأَمَتِهِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْمَرْهُونَةِ، وَتُخَالِفُ الْبَيْعَ؛ فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ، وَالْكِتَابَةُ لَا تُزِيلُهُ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» . وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا لَهَا؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا الْمَمْنُوعَ مِنْ اسْتِيفَائِهَا، فَكَانَ عَلَيْهِ عِوَضُهَا، كَمَنَافِعِ بَدَنِهَا.

[فَصْلٌ أَوْلَدَ الْمُكَاتَبَةَ]

(٨٧٤٧) فَصْلٌ: وَإِنْ أَوْلَدَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، سَوَاءٌ وَطِئَهَا بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِحُرٍّ فِي مِلْكِهِ، فَكَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ، كَغَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُهُ مِنْ مَمْلُوكَتِهِ، وَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ مِنْ وَطْءٍ سَقَطَ فِيهِ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ، فَأَشْبَهَ وَلَدَ الْمَغْرُورِ، وَلَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ فِي مِلْكِهِ.

[فَصْلٌ وَطْءُ بِنْتِ الْمُكَاتَبَةِ]

(٨٧٤٨) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ بِنْتِهَا؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِأُمِّهَا مَوْقُوفَةٌ مَعَهَا، فَلَمْ يُبَحْ وَطْؤُهَا كَأُمِّهَا، وَلَا يُبَاحُ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْكِتَابَةِ ثَبَتَ فِيهَا تَبَعًا، وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا حَالَ الْعَقْدِ بِشَرْطِهِ. فَإِنْ وَطِئَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَيَأْثَمُ، وَيُعَزَّرُ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ فَرْجًا مُحَرَّمًا، وَلَهَا مَهْرٌ عَلَيْهِ، حُكْمُهُ حُكْمُ كَسْبِهَا، يَكُونُ لِأُمِّهَا تَسْتَعِينُ بِهِ فِي كِتَابَتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ حُرِّيَّتِهَا. وَإِنْ أَحْبَلَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِحُرٍّ فِي مِلْكِهِ، وَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّ أُمَّهَا لَا تَمْلِكُهَا، وَلَا قِيمَةُ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ فِي مِلْكِهِ.

[فَصْلٌ وَطْءُ جَارِيَةِ مُكَاتَبَتِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ]

(٨٧٤٩) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ جَارِيَةِ مُكَاتَبَتِهِ وَلَا مُكَاتَبِهِ اتِّفَاقًا، فَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ، وَعُزِّرَ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَالِكَهَا، وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا لِسَيِّدِهَا، وَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ، يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ سَقَطَ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِسَيِّدِهَا؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا بِوَطْئِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِسَيِّدِهِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ فِي مِلْكِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَلْزَمَهُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِوَطْئِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِسَيِّدِهَا، فَأَشْبَهَ وَلَدَ الْمَغْرُورِ.

[فَصْلٌ إجْبَارُ مُكَاتَبَتِهِ أَوْ ابْنَتِهَا أَوْ أَمَتِهَا عَلَى التَّزْوِيجِ]

(٨٧٥٠) فَصْلٌ: وَلَا يَمْلِكُ إجْبَارَ مُكَاتَبَتِهِ وَلَا ابْنَتِهَا وَلَا أَمَتِهَا عَلَى التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ عَنْ نَفْعِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>