فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] وَلِأَنَّ إحْدَاهُمَا تَحِلُّ لَهَا الْأُخْرَى لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا، وَفِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُزَوَّجَ الْمَرْأَةُ عَلَى ذِي قَرَابَتِهَا، كَرَاهِيَةَ الْقَطِيعَةِ؛ وَلِأَنَّهُ مُفْضٍ إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ الْمَأْمُورِ بِصِلَتِهَا، فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ الْكَرَاهَةُ. وَالْأُخْرَى: لَا يُكْرَهُ وَهُوَ قَوْلُ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالشَّعْبِيِّ وَحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ تُحَرِّمُ الْجَمْعَ، فَلَا يَقْتَضِي كَرَاهَتَهُ، كَسَائِرِ الْأَقَارِبِ.
[مَسْأَلَةٌ عَقَدَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا]
(٥٣٥٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا عَقَدَ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَى ابْنِهِ وَأَبِيهِ، وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا، وَالْجَدُّ وَإِنْ عَلَا فِيمَا قُلْت بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ، وَابْنُ الِابْنِ فِيهِ وَإِنْ سَفَلَ بِمَنْزِلَةِ الِابْنِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا عَقَدَ الرَّجُلُ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، حَرُمَتْ عَلَى أَبِيهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: ٢٣] وَهَذِهِ مِنْ حَلَائِلِ أَبْنَائِهِ، وَتَحْرُمُ عَلَى ابْنِهِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: ٢٢] وَهَذِهِ قَدْ نَكَحَهَا أَبُوهُ، وَتَحْرُمُ أُمُّهَا عَلَيْهِ لَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] وَهَذِهِ مِنْهُنَّ وَلَيْسَ فِي هَذَا اخْتِلَافٌ - بِحَمْدِ اللَّهِ -، إلَّا شَيْءٌ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَالْجَدُّ كَالْأَبِ فِي هَذَا، وَابْنُ الِابْنِ كَالِابْنِ.
فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي اسْمِ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، وَالْوَارِثُ وَغَيْرُهُ، مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ، وَمِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ أَوْ وَلَدِ الْبَنَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
[مَسْأَلَةٌ كُلُّ مُحَرَّمَةٍ تَحْرُمُ ابْنَتُهَا]
(٥٣٥٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، فَبَنَاتُهُنَّ فِي التَّحْرِيمِ كَهُنَّ، إلَّا بَنَاتِ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ وَبَنَاتِ مَنْ نَكَحَهُنَّ الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ، فَإِنَّهُنَّ مُحَلَّلَاتٌ، وَكَذَلِكَ بَنَاتُ الزَّوْجَةِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مُحَرَّمَةٍ تَحْرُمُ ابْنَتُهَا، لِتَنَاوُلِ التَّحْرِيمِ لَهَا، فَالْأُمَّهَاتُ تَحْرُمُ بَنَاتُهُنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute